منتدى الحقوق وهران
أخي الكريم اختي الكريمة , ادارة منتدى كلية الحقوق وهران تتشرف بدعوتكم للتسجيل في المنتدى
للاستفادة و الافادة
يرجى تفعيل حسابكم عند التسجيل في المنتدى عن طريق الرسالة المرسلة من طرف المنتدى في ايميلكم .

منتدى الحقوق وهران
أخي الكريم اختي الكريمة , ادارة منتدى كلية الحقوق وهران تتشرف بدعوتكم للتسجيل في المنتدى
للاستفادة و الافادة
يرجى تفعيل حسابكم عند التسجيل في المنتدى عن طريق الرسالة المرسلة من طرف المنتدى في ايميلكم .

منتدى الحقوق وهران
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
المدير
المدير
Admin


عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 16/12/2010

 قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Empty
مُساهمةموضوع: قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر     قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Emptyالأربعاء يونيو 01, 2011 4:03 pm

دليل شرح قانون الأسرة و عرض أسبابه




نظرة تاريخية حول تطور قانون الأسرة في الجزائر
مقدمات الزواج: الخطبة و العدول عنها
التهادي و قراءة الفاتحة
الزواج: تعريفه و حكمة تشريعه
أركان الزواج و شروطه، سن الزواج
شروط قبول الدعوى به قانونا : الزواج الرسمي
الزواج العرفي
إثبات زواج المتوفى
المحرمات من النساء و حكمة التحريم:
المحرمات مؤبدا بالنسب والمصاهرة و الرضاع
المحرمات مؤقتا بالسبب: زوجة الغير و معتدته
الجمع بين أكثر من 04 .
الولاية في الزواج
حقوق الزوجة : المهر+النفقة+عدم الإضرار بها والعدل بين الزوجات
الحقوق بين الزوجين اشتراكا
فك الرابطة الزوجية:
الطلاق بالتراضي
الطلاق بإرادة الزوج
التطليق
الخلع
الحضانة
توابع العصمة وسائر الآثار المالية للطلاق
العدة و أنواعها و نفقاتها
المتعة و التعويض.

شرح المواد المعدلة الواردة بالأمر 05-*02 المؤرخ في 27/02/2005:

المادة 03 مكرر : تعد النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية

إلى تطبيق أحكام هذا القانون.

عرض الأسباب: ورد في عرض الأسباب المرفقة بنص مشروع تعديل قانون الأسرة كما نشرته الصحافة الوطنية يوم:09/08/2004 أن هذه المادة تنص على أن النيابة العامة طــــرف رئيسي في كل قضايا الأسرة ، كونها ممثلة للحق العام من جهة، و باعتبار أن قضايا الأسرة هي قضايا من النظام العام من جهة أخرى فإنه لا بد من حمايتها والسهر على ضمان استقرارها.

التعليق: هذه المادة جديدة لم تكن موجودة من قبل و من تم كان ترتيبــها 03 مكرر، و هذا بتفعيل دور النيابة في قضايا الأحوال الشخصية ، لأن أساس هذه المادة هو اقتراح اللجنة بتوسيع مجال المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية ومدها إلى محاكم الدرجة الأولى بدل اقتصارها على النواب العامين على مستوى المجالس القضائية، فالمادة 141 من قانون الإجراءات المدنية المتممة و المعدلة بموجب الأمر رقم:71-80 في مادته 46 تنص على أنه: ( يجب إطلاع النائب العام على القضايا الآتية:
01-القــــــــضايا التي تتعلق بالدولة و الجماعات المحلية و المؤســـسات
العمومية و المصالح و الهبات و الوصايا لصالح الخدمات الاجتماعية.
나- القضايا الخاصة بحالة الأشخاص.
다- القضايا التي تتضمن دفوعا بعدم الاختصاص في نزاع يتعلق بصلاحية الجهة القضائية.
라- تنازع الاختصاص بين القضاة ورد القضاة.
마- مخاصمة القضاة.
바- القضايا المتعلقة بعديمي الأهلية.
사- القضايا المتعلقة بالأشخاص المعتبرين غائبين .
아- إجراءات الطعن بالتزوير.
وترسل هذه القضايا الموضحة آنفا إلى النائب العام قبل 10 أيام على الأقل من يوم الجلسة بواسطة كتابة الضبط.
ويجوز للنائب العام الإطلاع على جميع القضايا الأخرى التي يرى أن تدخله فيها ضروري ولاسيما القضايا الماسة بالنظام العام.
ويجوز للمجلس القضائي أن يأمر من تلقاء نفسه بإرسال القضايا المذكورة إلى النائب العام ).
بهذا الـنص كانت قضايا الأحوال الشخصية تعتبر من القضايا المبلّغة وجوبا، و النيابة العامة طرف منّظم تدخله وجوبي في القضايا سالفة الذكر المحددة بثمانية أصناف محصورة و جوازي في غير ذلك من القضايا .
و كان يعاب على هذا النص اقتصار حكمه على درجة التقاضي الثانية أمام محاكم الاستئناف دون محاكم الدرجة الأولى و بالتالي انحصار تدخل النيابة على السيد النائب العام دون السادة وكلاء الجمهورية ، رغم أن الاجتهاد القضائي الساري المفعول مدد حكم المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية بتبليغ الملفات المبلغة للنيابة حتى على مستوى المحاكم و عدم قصرها على المجالس القضائية على اعتبار مبدأ عدم تجزئة النيابة سواء تعلق الأمر بالسادة وكلاء الجمهورية أو بالنواب العامين .

غير أن هذا الاجتهاد القضائي ظل قاصرا و تضمن ترجيحا بدون مرجح لأن الإجراءات ُمحكمة و لا اجتهاد فيها و لا يجوز فيها القياس و لا الخروج على النص التشريعي و لا التوسع فيه.

و من تم كان الاقتراح بتفعيل دور النيابة في قضايا الأحوال الشخصية بجعل تدخل النيابة وجوبي بقوة القانون طالما كانت قضايا الأحوال الشخصية مرتبطة بالنظام العام ، لأن تـــرك تدخل النيابة جوازيا قد يجعلها لا تتدخل أبدا بسبب كثرة مشاكلها ومشاغلها وتعدد مهامها أو يكون تدخلها شكليا فقط.

و بالتالي تعين تفعيل دور النيابة بجعلها طرفا أصليا بدل جعلها طرفا منظما طالما كانت قضايا الأحوال الشخصية من النظام العام بات تدخل النيابــة حاجة ماسة و ضرورية، فليس من المنطق أن يكون دور النيابة قاصرا و جوازيا ، و بالتالي هذا التعديل الجديد كان لازما و مناسبا ومن شأنه أن يحل كثير من الإشكالات التي كشف عنها الإجتهاد القضائي ليس على مدار 20 سنة مضت منذ صدور قانون الأسرة رقم:84-11 بل على مدار 33 سنة منذ 1971 تاريخ تعديل المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية وبداية التدخل المحتشم للنيابة في قضايا الأحوال الشخصية في القضايا المبلغة.

المادة 04 معدلة: الزواج هو عقد رضائي يتم بين رجل و امرأة على الوجه الشرعي ، من أهدافه تكوين أسرة أســاسها المودة و الرحمة و التعاون وإحصان الزوجـين و المحافظة على الأنساب.

عرض الأسباب: جاء في عرض أسباب هذه المادة أن التعديل يهدف إلى توضيح أن عقد الزواج هو عقد رضائي يتم بين رجل و إمرأة يقوم على أساس رضا الزوجين ، الذي يتحقق باقتران الإيجاب بالقبول وفقا للأحكام العامة للعقد.

التعليق: تضمنت هذه المادة المعدلة إضافة عبارة عقد رضائي في تعريف الزواج، تقييدا لعموم المادة 04 من قانون الأسرة القديم رقم:84-11 التي لم تــذكر هذا التقييد و التحديـد في تعريف الزواج ، و الزواج هو عقد رضائي عند كل الفـــقهاء مدنيا و شرعيا و هذا لا يطرح أي إشكال.

المادة 05 المعدلة: الخطبة وعد بالزواج .
يجوز للطرفين العدول عن الخطبة .
إذا ترتب عن العدول عن الخطبة ضرر مادي أو معنوي لأحد الطرفين جاز الحكم له بالتعويض.
لا يسترد الخاطب شيئا مما أهداه إن كان العدول منه، وعليه رد ما لم يستهلك أو قيمته.
و إن كان من المخطوبة ، فعليها رد ما لم يستهلك من هدايا أو قيمته.

عرض الأسباب : جاء في عرض أسباب المادة 05 معدّلة بأنه قد أعيد ترتيب أحكام الخطبة و حق العدول عنها و تم توضيح آثار العدول عن الخطبة و أحكامها بدقة، سواء كان العدول من قبل المخطوبة أو الخاطب.

التعليق: هذه المادة لم تثر أي إشكالية في فهمها و بالتالي تبقى من مسائل الفقه و الشرح على المتون دون حاجة إلى مناقشتها و لا حاجة إلى بيان تأصيلاتها الفقهية فهي مبينة في كتب الفقه الإسلامي بتفصيل .

المادة 06 معدلة: إن اقتران الفاتحة بالخطبة لا يعد زواجا.
غير أن اقتران الفاتحة بالخطبة بمجلس العقد تعتبر زواجا متى توافرت أركانه و شروطه طبقا لأحكام المادتين 09 و 09 مكرر من هذا القانون.
عرض الأسباب: جاء في عرض أسباب المادة 06 معدلة أنه يقترح توضيح أن الفاتحة التي تقترن بالخطبة لا تعتبر زواجا ، إذا لم تقترن بمجلس العقد متى توافرت أركان الزواج و شروطه و هو تكريس للإجتهاد القضائي للمحكمة العليا في هذا المجال.

التعليق: جديد هذا التعديل هو سد ذريعة و غلق باب كان مفتوحا بشكل فادح و فاضح باسم الزواج العرفي فبمجرد اقتران الفاتحة بالخطبة دون سائر شروط صحة عقد الزواج الشرعي كان كثير من الناس يتمسك بأن هذا زواج شرعي و يطالب قضائيا بإثباته مما جعل الزواج العرفي مطية لركوب الحيل الشرعية تحت غطاء القانون ، مما تعين معه تقنين ما توصلت إليه المحكمة العليا في اجتهاداتها بصدد عدم اعتبار الخطبة المقترنة بالفاتحة دون سائر شروط العقد زواجا ، لأن اقتران الفاتحة بالخطبة دون سائر الشروط جرت في عرف المجتمع مجرى التبرك لا العقد الشرعي ، فإن اقترنت بشروط صـــــحة عقد الزواج فهي زواج شرعي غير مسجل و من تم أمكن اعتبارها عقدا شرعيا يستحق بعد ذلك إثباته و تصحيحه بموجب حكم قضائي.

المادة 07 معدلة: تكتمل أهلية الرجل و المرأة في الزواج بتمام 19 سنة و للقاضي أن يرخص بالزواج قبل ذلك لمصلحة أو ضرورة متى تأكدت قدرة الطرفين على الزواج.
يكتسب الزوج القاصر أهلية التقاضي فيما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات.

عرض الأسباب : جاء في عرض الأسباب لهذه المادة أنها تقترح توحيد سن الزواج بالنسبة للرجل و المرأة و تحديده بـ:19 سنة ، تطابقا مع سن الرشد المدني و بالتالي تقرير سن موحد بالنسبة للرجل و المرأة من باب المساواة بينهما، غير أنه أعطيت للقاضي صلاحية الترخيص بالزواج قبل ذلك لضرورة أو مصلحة متى تأكد من قدرة الطرفين على الزواج.

التعليق:
كانت المادة 07 السابقة من القانون 84-11 المؤرخ في 09 جوان 1984 الـــمتضمن قانون الأسرة تنـــص على اكتمال أهلية الزوج للزواج بـ:21 سنة و المرأة بـ:18 سنة و كان هذا المعيار منتقدا باعتبار أن في التشريع الجزائري تعارض كبير في احتساب سن الرشد و الأهلية فالمرأة التي تعتبر كاملة الأهلية بتمام 18 سنة في قانون الأسرة هي قاصر بموجب أحكام المادة 40 من القانون المدني الذي يحدد سن الرشد بتمام 19 سنة لكل من الرجل و المرأة و كلاهما قاصر بموجب أحكام قانون الجنسية الذي يحدد سن 21 سنة ، وفي المجال الجزائي سن إكتمال الأهلية والمسؤولية الجزائية هو :18 سنة للرجل و المرأة وفي جرائم الإرهــاب 16 سنة ، و هذه فوضى في النصوص ، الإصلاح التشريعي يقتضي توحيد السن بجعل سن الرشد لدى كلا الزوجين محدد عند 19 سنة ، و وجه الترجيح أن أحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل و التي صادقت علــيها الجزائر تجعل سن الطفولة يمتد إلى 18 سنة ، و بالتالي فإن سن 19 سنة يعتبر سن رشد و ليس من بلغ هذه السن بطفل وفقا لأحكام القانون المدني الجزائري أولا و وفقا للاتجاه الدولي و المعايير الدولية الجديدة ، حتى لا يكون التشريع الجزائري شــــاذا و متعارضة نصوصه فيما بينها، و هذا التعديل هو فاتحة لتوحيد السن في ســـــائر التشريعات لاحقا من قانون الجنسية و العقوبات ، فضلا عن أن تحديد السن بتسعة عشر سنة لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية لأن البلوغ الذي تكلم عنه فقهاء الشريعة الإسلامية بجميع مذاهبها فهو البلوغ البيولوجي أما التمييز و التكليف الشرعي فيبدأ شرعا من سن 07 سنين المحددة لتعليم الصلاة و يتأكد بسن 10 سنوات المحددة للتأديب على تركها و بالتالي لا ما نع شرعا من تقدير سن الرشد بتمام 19 سنة على الأقل طالما أن النبي صلى الله عليه و سلم سن قاعدة شرعية في حديثه الشريف بقوله: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم.) ، وغني عن البيان أن مدار أحكام الشريعة الإسلامية: مراعاة المقاصد الخمسة التي أفاض فيها الإمام الشاطبي فلا إشكال تطرحه هذه المسألة لا شرعا و لا قانونا ، لأن مسألة تحديد السن إنما تخضع تقديراتها بظروف كل بلد اقتصاديا و اجتماعيا ومراعاة وحدة البناء التشريعي الوطني و الدولي ليكون تشريعنا قويا و منسجما.
كما منحت هذه المادة ترشيدا للزوج القاصر الذي يقل عمره عن 19 سنة بقوة القانون ، و لكن فقط فيما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق و التزامات ، حتى لا يخضع لأي وصــاية ولا ولاية في شؤون أحواله الشخصية سيما و أن المقرر شرعا و قانونا أن الرجل في مادة الأحوال الشخصية ولي نفسه فتعين ترشيده بقوة القانون.

المادة 07 مكرر: يجب على طالبي الزواج أن يقدما وثيقة طبية لا يزيد تاريخها عن الشهرين تثبت خلوهما من أي مرض يتنافى مع الزواج .
يتعين على الموثق أو ضابط الحالة المدنية أن يتأكد قبل تحرير عقد الزواج من خضوع الطرفين للفحوصات الطبية و من علمهما بما قد تكشف عنه من أمراض.
تحدد شروط و كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.

عرض الأسباب: جاء في عرض أسباب هذه المادة أنها تلزم طالبي الزواج بأن يقدما وثيقة طبية لا يزيد تاريخها عن الشهرين ، تثبت خلوهما من أي مرض يتنافى مع الزواج ، و أن هذا الشرط يهدف إلى حماية صحة الزوجين و الأطفال و المجتمع و أنه يقع على عاتق الموثق و ضابط الحالة المدنية التأكد من علم الطرفين بالحالة الصحية لكل منهما قبل تحرير عقد الزواج ، و أن هذه المادة تترك للأطراف إتمام الزواج من عدمه و أنها تحيل على التنظيم لتحديد شروط و كيفيات تطبيقها.

التعليق: أصل هذه المادة التي عارضها بعض الناس إنما هو من الشريعة الإسلامية و من متطلبات العصر ، ففي الشريعة الإسلامية يوجد ما يعرف عند الفقهاء لدى جميع المذاهب بـالعيوب الموجبة للخيار و هي حق الزوجين في التعرف على العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج لكي لا يكون عقد القران مبني على الغرر ، فإن كان في أحد الزوجين حين عقد الزواج واحد من العيوب كان للآخر الخيار في البقاء معه أو الفراق ، فإن كان قبول كل زوج للآخر و هو عالم بعيبه لم يُطرح بعد ذلك أي إشكال ، و لا سيما بعد ظهور أمراض العصر الخطيرة التي يتعـــذر علاجها و التحكم فيها كمرض فقد المناعة( السيدا أو الأيدز) ، فهنا تتدخل المصلحة العامة حتى لا تصبح مؤسسة الزواج موزع ووسيلة لانتشار هذا الداء بشكل يستعصي معه التحكم فيه ، فينتج عن ذلك كله نسل مريض و مجتمع مريض ، و قديما قيل درهم وقاية خير من قنطار علاج و غني عن البيان كذلك أن مجتمعا لا يحسب للصحة حسابها لا مستقبل له في عالم الصحة فيه عماد التنمية المستدامة ، ولذلك فإن أخطر العيوب الموجبة للخيار في زمننا هذا هي مرض فقد المناعة بالذات لكي لا يغفل عنه الأطباء حين الفحــــص إلى جانب سائر العيوب الجنسية التي قتلها الفقهاء بحثا و حررت فيها التصانيف و من تم ستحدد قائمة هذه الأمراض بنص خاص لاحقا عن طريق التنظيم ،سيما و أن إمكانيات مستشفيات الجزائر تسمح بكل هذه الفحوصات سيما فحص السلامة من السيدا طالما أن كل شخص يريد التبرع بالدم في أي مستشفى يجرى له تلقائيا فحص إجباري للتأكد من سلامته من مرض الأيدز أو مرض فقد المناعة.
و كانت الأراء مختلفة في تحديد مدة شهادة الفحص الطبي المعمول بها حتى في فرنسا بين من يرى الأنسب شهرين و 03 شهور و 06 شهور والرأي الأرجح طبيا هو أن مدة الشهادات الطبية لا ينبغي أن تقل عن 03 أشهر على الأقل ولا تزيد عن 06 أشهر على الأكثر بناء على تقارير أطباء أخصائيين قدمت للجنة مراجعة قانون الأسرة ووزارة العدل و بناء على محاضرات مختصة قدمت في ملتقيات علمية جامعية وطنية ودولية لا سيما تقرير الدكتور بن سعد محمد أخصائي الأمراض المعدية بجامعة وهران والدكتور قاسمي يوسف أخصائي الأمراض الداخلية من معسكر و الدكتور فوال من تيزي وزو الذي قدم ورقة عمل قيمة في الملتقى الوطني حول قانون الأسرة بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة أيام 06-07-08 مارس 2004 و هذا تبعا للمعايير الدولية المعتمدة في هذا الشأن .
و الحق أن التحديد في هذا الشأن متروك للأطباء لا لغيرهم وهم من يستطيع التوسع في هذا أكثر من أخصائي الشريعة و القانون، غير أن المشروع اعتمد على المدة الأدنى المقترحة تيسيرا على الزوجين و هي شهرين ، و لكن من الناحية العلمية الطبية التقنية وفقا للمعايير الدولية سيما فيما يتعلق بالكشف عن مرض فقد المناعة كأخطر الأمراض و العيوب الموجبة للخيار هي أن لا تقل مدة الشهادة الطبية عن 03 أشهر بدل الشهرين التي اختارها المشروع، و طالما المادة 07 مكرر تركت تحديد شروط و كيفية تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم ، فلعل عيبها المتعلق بالمدة يستدرك لاحقا بجعل مدة شهرين لسائر العيوب الموجبة للخيار المعروفة و بترك تقدير المدة للأطباء في الأمراض الخطيرة و التي يتطلب الكشف عنها استثناء مدة تزيد عن الشهرين المحددة في مشروع القانون الجديد.

و أحسن نموذج تشريعي عربي كان جديرا بالإفادة منه كنموذج ناجح هو التشريع اللبناني الصادر وفق المرسوم الحكومي المشّرع بالقانون الصادر بتاريخ: 18/05/1994 المتعلق بإلزامية الفحص الطبي قبل الزواج لكل مواطن لبناني ، ثم التشريع الفرنسي بعده.
ولا يخفى ما في الفحص الطبي من فائدة و حماية للصحة العامة للمجتمع من خلال تمكين الزوجين من التعرف على الصحة الخاصة لكل منهما و تفادي خطر الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى تشوه الأجنة و أمراض الدم من باب الإعلام للزوجين ضمانا لاستمرارية العلاقة الزوجية و ضمان للأمن الصحي من باب الوقاية العامة كذلك ، و من تم ليس في هذه المادة أي مخالفة لأحكام ديننا الحنيف و لا أي مصادمة للشعور العام .

المادة 08 معدّلة: يُسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة الإسلامية متى وجد المبرر الشرعي و توفرت شروط و نية العدل.
وفي هذه الحالة يجب على الزوج إخبار كل من الزوجة أو الزوجـات السابقة و المرأة التي يرغب في الزواج بها و أن يقدم طلب الترخيص بالزواج إلى رئيس المحكمة لمكان مسكن الزوجية.
ويمكن لرئيس المحكمة أن يرخص بالزواج الجديد ، إذا تأكد من موافقتهن ، أو موافقتهما و أثبت الزوج المبرر الشرعي و قدرته على توفير العدل و الشروط الضرورية للحياة الزوجية.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب أن هذه المادة تضيق من مجال اللجوء إلى تعدد الزوجات و تقيده بعدة شروط تتعلق بوجود ظروف تبرره و توفر نية العدل إذ يجب على الزوج :
- إخبار كل من الزوجة أو الزوجات السابقة و المرأة التي يرغب في الزواج بها .
- أن يقدم طلب الترخيص بالزواج إلى رئيس المحكمة الذي يرخص بالزواج بعد التأكد من موافقة الزوجة الأولى و المرأة التي يرغب في الزواج بها و قدرة الزوج على توفير العدل و الشروط الضرورية للحياة الزوجية.

التعليق: يكاد يكون المتفق عليه عند الخاص و العام أن إلغاء تعدد الزوجات مخالف للشريعة الإسلامية لاصطدامه مع النصوص القرآنية الصريحة و مخالف للدستور باعتباره ينص على أن الإسلام دين الدولة طالما أن الشريعة الإسلامية هي المرجعية الأولى للقوانين الجزائرية بموجب المواد 02 من الدستور و 01 من القانون المدني و المادة 222 من قانون الأسرة الساري المفعول رقم:84-11 ، فضلا عن فشل التجارب التشريعية العربية التي اعتمدت إلغاء تعدد الأزواج و تـــجريمه جزائيا ، و مخالف كذلك لحقوق الإنسان المشروعة غير المخالفة للنظام العام الجزائري ، ومن تم رأى المشرع أنه أكرم للمرأة أن تكون زوجة ثانية حليلة على أن تكون عشيقة خليلة.
ذلك بأنها بالزواج تضمن نسب أولادها و بالمخاللة يكون أولادها أطفال طبيعيين منبوذون اجتماعيا في جميع الأحوال و هذا يقود إلى كوارث اجتماعية كبرى ، و لكن حتى لا يكون التعدد نزوة عابرة تقنن وجب ضبطه بضوابط شرعية و قانونية تحد منـــه و تجعل التعسف في اللجوء إليه أصعب من الصعب سيما و أن تقييد المباح لداعي المصلحة وسد الذرائع أصل شرعي مقرر فقها وقضاء، غير أن مشكلة تعدد الزوجات لا تعتبر من الخطورة في الجزائر بمكان إذ أن الإحصائيات بوزارة الأسرة تحدد بأن مشكلة تعدد الزوجات تشكل عمليا نسبة ضئيلة هي: 0.01 % و هذه نسبة قريبة من الصفر، فضلا عن أن غلاء المعيشة و ضعــــف قدرة الرجل على الزواج بواحدة و انتشار العنوسة يجعل من تعدد الزوجات مشكلة مصيرها إلى انقراض بحكم الواقع الاجتماعي المعيش، و مهما تكن مسألة تعدد الزوجات في الحقيقة مشكلة اجتماعية وقتية فإنها في كثير من الأحيان تكون حلا لمشاكل ظرفية كثيرة.

ولقد جاء نص المادة 08 المعدلة محددا للتعدد في حدود الشريعة الإسلامية باعتبار الأحاديث النبوية الصحيحة التي تحدد التعدد بأربع زوجات ، ثم إن نية العدل كانت مسألة خلافية بين من رأى الإبقاء عليها لأنها أساسية في التعدد ، و إلا كان التعدد يندرج ضمن نظرية التعسف في استعمال الحق المندرجة في عموم أحكام المادة 41 من القانون المدني، و بين من يرى حذفها من النص القديم باعتبار النية أمر باطني لا يطلع عليه ملاك فيكتبه و لا شيطان فيفسده و إنما لا يعلمها إلا صاحبها وربه و من تم وجب التقيد بشروط العدل المادي التي تنحصر عادة في كفاية دخل الزوج لإعالة أكثر من زوجة و توفير السكن المنفرد لكل زوجة إلا إذا اتفقتا و رضيت كل ضرة بمقاسمة ضرتها في السكن نفسه وهذا بعيد عن الممكن و قريب من المستحيل، فما سميت الضرة بالضرة إلا لاشتقاق اسمها من الضرر كما يقول فقهاء اللغة .
ورأى المشروع تقييد الحق في التعدد بتوافر المبرر الشرعي الذي هو المصلحة المشروعة و التي يترك تقديرها للقاضي ، لكن نص المشروع أبقى على الفقرة 01 من المادة 08 كما هي ، لأن في المسألة تعقيد فقهي و خلاف كبير، قد يجعل المنازعات تستشكل على القضاة حين التطبيق ، فمثلما كان الزواج أساسا يحتمل الأحكام الخمسة في الشريعة الإسلامية بأن يكون مستحبا أو مباحا أو فرضا أو مكروها أو حتى حراما على من لا قدرة له عليه ولا على نفقاته و تيقن بعد ذلك كله من ظلمه للزوجة و للنسل ، فكذلك التعدد يأخذ الأحكام الخمس كما يكون فرضا على من يملك القدرة على العدل المادي و له المصلحة المشروعة و يخشى على نفسه عدم الاكتفاء بواحدة و اللجوء إلى الزنا يكون ممنوعا و حراما شرعا على من يريد تعدد الزوجات و ليست له القدرة على إعالة زوجة واحدة فضلا عن اثنتين و يتأكد بأنه إن فعلها سيظلم الزوجة الأولى و الثانية و يشرد أولاده من الفراش الأول و الثاني ، و من تم وجب تدخل المشرع بضبط الأمور مبدئيا و تبقى مسألة صياغة النصوص قـــابلة للتعديل و لكن يجب فهم المبدأ أولا ، لأن تعدد الزوجات نظام اجتماعي متماسك و ليس منفذ نزوات بالتزوج اليوم وتشريد العائلتين في الغذ ، فمن باب ما سماه الإمام الشاطبي مآلات الأفعال أو من باب ما يسمى بالاستشراف الاجتماعي وجب ضبط الأمور على شريعة من ربنا و تبيان دون اصطدام مع النصوص القطعية الدلالة والثبوت ، فإن وقع الخلاف في الصياغة فهذا أمر يستدرك حين يعرض النص على البرلمان بغرفتيه بعد استكمال مناقشات أهل الاختصاص على منابر الجامعات و الصحافة و في كل المناسبات لكن يجب الوقوف عند فقه المقاصد، و التقيد بالموضوعية و الترفع عن خلاف التضاد .

ولقد اشـترطت المادة 08 المعدلة إعلام الزوجة السابقة أو الزوجات السابقــات و المخطوبة اللاحقة، مع طلب الترخيص بالزواج إلى رئيس محكمة مسكن الزوجية الذي ينحصر دوره في الرقابة على توافر شروط العدل وقاية للرباط المقدس الذي هو الزواج من الانحلال ومن باب تفادي تضييع الأطفال كإجراء وقائي للمجتمع بمنح القاضي سلطة الرقابة على الزوج منعا للتعسف ، طالما أن مصلحة الأسرة التي هي خلية المجتمع مرتبطة بالنظام العام ، وجاء نص المشروع على أن لرئيس المحـكمة الترخيص بالزواج المكرر إذا تأكد من موافقة الزوجة أو الزوجات، و كانت هذه النقطة في الواقع مسألة خلافية في البداية إذ يرى البعض أنه يكفي الإعلام دون الموافقة لأن الزوجة إذا لم توافق طلقها زوجها و بقاء الزوجية خير من فك أواصرها، حتى لا يقول غير القانونيين من الناس أن المشرع الجزائري نزع الولي عن الزوجة و نصب 03 أولياء للرجل هم القاضي و الزوجة السابقة واللاحقة !!
وكان من بين الاقتراحات أنه في حالة عدم الرضا بالتعداد أو ثبوت عيب من عيوب الإرادة الأربعة المعروفة مـــــن غش أو تدليس أو غلط أو إكراه فإنه يجوز لكل زوجــة طلب التطليق و التعويض و هو ما جاء جزئيا في المادة 08 مكرر التي اقتصرت على حالة الغش فقط .
و يرى البعض كذلك أن على الزوج إخبار الزوجة أو الزوجات ويجوز للزوجة أو الزوجات السابقة و المخطوبة اللاحقة إبداء موافقتهن أو إعتراضهن و لأهلهن حق الاعتراض كذلك ، ودليل ذلك ما ورد في السنة أن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان زوجا للسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنها وهي أم ولديه الحسن و الحسين وأراد أن يتزوج عليها ببنت أبي جهل فاعترض والدها النبي صلى الله عليه و سلم على علي بن أبي طالب أن يجمع بين ابنته و بنت أبي جهل ، فلم يتزوج عليها الإمام علي و تفصيل القصة في كتب الحديث و السنة لمن أراد الرجوع إليها.
و الرأي الغالب و الأرجح هو ضرورة إعلام الزوجة أو الزوجات السابقة بالرغبة في التعدد حفظا لصلة الرحم بين الأبناء من الفراشين مستقبلا و إثبات الكفاية المالية للزوج حفظا للمجتمع من خلال حفظ المرأة و الأطفال من التشرد و التشتت ، والقاضي إذا تبثت له كفاية الزوج المالية المؤدية إلى العدل المادي في النفقة و السكن لا يملك إلا الترخيص للزوج بممارسة حقه الذي وجب تقييده ، لأن العدل بين النساء ليس بالأمر الهيـن و الله سبحانه قال في كتابه العزيز: ( لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم) ، و بالتالي الذي يكون أكثر من الحريص هو المعصوم لا غيره، فاقترب بهذا جواز التعدد من المنع بسبب ضعف ذمم الناس و التقصير في تقدير المسؤولية فالشريعة هذبت الرغبات لتكون سوية وضبطتها و لم تطلق النزوات ليضيع الأطفال و ُتشرد النسوة و ينتج من ذلك كله إضرار للمجتمع و هلاك للحرث و النسل و من تم كان تقييد المباح بمباح لمصلحة شرعية من صميم الشرع و غير مخالف له ، وهذه أيضا مسألة تحتاج إلى نقاش علمي طويل بموضوعية .

المادة 08 مكرر: في حالة الغـش يجوز لكل زوجة رفع دعوى قضائية ضد الزوج للمطالبة بالتطليق.

عرض الأسباب: جاء في عرض أسباب المادة 08 مكرر من المشروع أن هذه المادة تنص على أنه في حالة الغش المرتكب من قبل الزوج ، يحق لكل واحدة من الزوجتين رفع دعوى قضائية ضد الزوج للمطالبة بالتطليق ، و أن هذه المادة تهدف إلى حماية كل زوجة من المناورات التي قد تصدر عن الزوج.

التعليق: قررت المادة 08 مكرر حق الزوجة أو الزوجات ضحية غش الزوج في طلب التطليق من باب حماية كل زوجة من تعسف الزوج ، غير أنها لم تنص على حق طالبة التطليق في طلب التعويض ، و لقد كان الاقتراح مؤكدا في التنصيص على الحق في طلب التعويض لأن الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا كان منقسما إلى اتجاهين فريق يرى أن طالبة التطليق لا تستحق التعويض طالما اختارت فراق زوجها فيكفيها الحكم لها بالتطليق و لا تعويض لها ، و فريق ثاني يرى أحقية الزوجة في طلب التعويض لأنها لم تخــــتار فراق زوجها إلا متضررة فلا يجمع عليها بين ضررين تطليقها و حرمانها من التعويض و التعويض ليس غرامة مالية كما سماها بعض المعترضين و لا عقوبة جزائية للزوج كما ذهب إلى ذلك غير العالمين بالقانون و إنما هو جبر لضرر الزوجة المعنوي كالمتعة و كان هذا هو الرأي الراجح و الغالب في النقاش، فوجب حسم الخلاف بالنص الصريح النافي للجهالة والغموض تيسيرا على القاضـي و المتقاضي، لأن النص الوارد في المادة 08 مكرر من المشروع في الواقع كان موجودا بصورته الحالية في المادة 08 من القانون 84-11 محل التعديل ، و سكوت نص المشروع عن حق طالبة التطليق في التعويض سيفتح الباب واسعا لتعارض الاجتهاد القضائي من جديد في قبول طلب التعويض مع التطليق أو رفضه ، فمن يقضي بقبول طلب التعويض مع التطليق يكون على حق وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية و من يقضي برفض طلب التعويض لعدم التأسيس يكون كذلك على حق لعدم ورود نص القانون المقرر لاقتران طلب التطليق مع التعويض ، و من تم تبقى مهمة نواب الشعب في البرلمان بغرفتيه لاقتراح إمكانية طالبة التطليق في الحصول على تعويض حسما للخلاف و سدا لذريعة التناقض طالما أن طلب الزوجة للتطليق مؤسس على ضرر شرعي و قانوني منصوص عليه في قانون الأسرة ، و ليست طالبة فراق بدون سبب و لا مسوغ شرعي كالمختلعة.

المادة 08 مكرر01: يفسخ الزواج الجديد قبل الدخول ، إذا لم يستصدر الزوج ترخيصا من القاضي وفقا للشروط المحددة في المادة 08 أعلاه.

عرض الأسباب : جاء في عرض أسباب هذه المادة أنها تنص على أن الزواج الجديد يفسخ قبل الدخول إذا لم يستصدر الزوج ترخيصا من القاضي ، و لم تقرر الفسخ بعد الدخول لحماية الأسرة بصفة عامة و الأطفال الذين قد يولدون عن هذا الزواج.

التعليق:
قررت هذه المادة فسخ الزواج المكرر دون ترخيص و لا استيفاء شروطه قبل الدخول بناء على طلب كل ذي مصلحة من الزوجتين أو الزوجات قبل الدخول، فإن وقع الدخول لا يفسخ و لكن يعتبر خطأ تقصيريا موجبا للتعويض و مبررا موجبا لطلب الزوجة التطليق ، كأثر من آثار الإخلال بأحكام المادة 08 المعدلة من القانون 84-11 بموجب أحكام المشروع الجديد.

المادة 09 : يتم عقد الزواج بتبادل رضا الزوجين .

عرض الأسباب: جاء في عرض أسباب هذه المادة أنه مما لا شك فيه أن عقد الزواج يتميز من الناحية القانونية عن باقي العقود ، من جهة أنه يخضع للعديد من القواعد و الشروط التي تخضع لها هذه العقود ، إلا أنه يتميز عنها بعدة خصائص ، لا سيما كونه عقد رضائي يتم بمجرد تبادل الرضى بين رجل و امرأة من أجل تكوين أسرة على وجه الدوام ، فليست المصالح المادية و المنافع هي التي تجمع بينهما.

التعليق: جديد هذه المادة أنها جعلت للزواج ثلاثة أركان الزوج و الزوجة و التراضي عند من يرى التقسيم الشرعي للأركان وعند من يرى الوقوف عند القراءة القانونية للنص دون المنظور الشرعي المادة 09 المعدلة حصرت ركن الزواج في ركن وحيد هو التراضي و غير التراضي اعتبرها مشروع القانون الجديد شروط و مسألة التسمية بين الشروط و الركن أو الأركان اختلاف لفظي بين المذاهب ، و هذه مسألة يطول شرحها ، فالركن المتفق عليه هو التراضي و الباقي مختلف فيها بين اعتبارها ركن أو شرط.







المادة 09 مكرر: يجب أن تتوفر في عقد الزواج الشروط الآتية:
- أهلية الزواج
- الصداق
- الولي بالنسبة للقصر
- شاهدان
- انتفاء الموانع الشرعية.

عرض الأسباب: جاء في عرض أسباب هذه المادة أنها تضمنت الشروط التي يجب أن تتوفر في عقد الزواج وحددتها في: أهلية الزواج ، الصداق ، الولي بالنسبة للقصر، شاهدين ، و انتفاء الموانع الشرعية، مع الإشارة إلى أن المشروع يميز بين ركن عقد الزواج ( تبادل الرضا) و شروطه.

التعليق:


المادة 11: الولاية حق للمرأة الراشدة تمارسه بنفسها أو تفوضه لأبيها أو لأحد أقاربها ، مع مراعاة أحكام الفقرة 02 من المادة 07 من هذا القانون، يتولى زواج القاصر وليه و هو الأب فأحد الأقارب الأولين و القاضي ولي من لا ولي له.
لقد كان رأي اللجنة منقسم بين من يرى أن الولاية يجب أن تلغى كلية لأنه لا يعقل أن تكون المرأة قاضية و تعتبر بحكم القانــــــون ولي من لا ولي له بموجب المادة 11 من قانون الأسرة رقم:84-11
و تحتـــاج هي إلى ولي !! وتكون وزيـرة ومحامية و مرشحة لرئاسة الجمهورية !! فهذا ما لا يستقيـــم مع العقل و المنطق و يعتبر مساس بمبدأ المساواة بين المواطنين وفقا لأحكام الدستور، و للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، كان هذا رأي فريق من أعضاء اللجنة .

و كــــان فريق آخر يرى أن إسقاط الولاية كلية يتعـــارض مع الشرع و يتعارض مع طبيعة المجتمع وما تعارف عليه الناس من قيم وتقاليد و بالتالي فليس من الحق و العدل إرضاء قلة على حساب كثرة من أبناء المجتمـع ، سيما و أن المتفق عليه داخل اللجنة ووفقا لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية في كثير من خطبه الإبقاء على الشريعة الإسلامية كمصدر لقانون الأسرة ومرجعية له و ليس في الشريعة الإسلامية بمذاهبها السنية الأربعة من يسقط الولاية و من المساس بأحكام الدستور لاسيما المادة 02 التي تعتبر الإسلام دين الدولة إسقاط الولاية، و من تم مبدأ المساواة للمواطنين أمام القانون مبدأ دستوري صحيح لكن ليس على إطلاقه بل هو مقيد بالمادة 02 من نفس الدستور ، و بهذا فالإبقاء على الولي دستوري و لا إشكال فيه.

و من تم فلقد تم الاعتماد في المشروع الذي صادقت عليه الحكومة على اعتبار الولاية حق للمرأة تمارسه بنفسها حسب اختيارها و مصلحتها و لها أن تفوض أباها أو أحد أقاربها إن أرادت والأسانيد الشرعية المؤدية إلى هذا الرأي نوردها أدناه.

والمؤكد في الواقع القضائي أن مسألة الولاية في الزواج لا تشكل أي إشكال في الحياة العملية رغم مطالب كثير من الجمعيات النسوية التي تغفل عن حقوق المرأة في قانون الأسرة القديم رقم 84-11 موضوع التعديل إذ قانون الأسرة نص على الولاية في 04 مواد لا خامس لها في القانون رقم:84-11 و هي المواد: 11-12-13-33 و أن عقد الزواج بشاهدين وصداق و تراضي و دخول صحيح ولو بدون توافر ركن الولي في التشريع السابق يقع صحيحا من غير إشكال لكن الناس لا يعرفون حقــــوقهم و قانون الأسرة كان مظلوما في هذه النقطة وللتوضيح بالرجوع إلى مضمون المواد السابقة نجدها كانت تنص للتذكير على ما يلي:
المادة 11 : يتولى زواج المرأة وليها و هو أبوها فأحد أقاربها الأولين ، والقاضي ولي من لا ولي له.
المادة 12: لا يجوز للولي أن يمنع من في ولايته من الزواج إذا رغبت فيه وكان أصلح لها ، و إذا وقع المنع فللقاضي أن يأذن به مع مراعاة أحكام المادة 09 من هذا القانون.
غير أن للأب أن يمنع بنته البكر من الزواج إذا كان في المنع مصلحة للبنت.
المادة 13: لا يجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر من في ولايته على الزواج ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها.
المادة 33: إذا تم الزواج بدون ولي أو شاهدين أو صداق ، يفسخ قبل الدخول و لا صداق فيه ويثبت بعد الدخول بصداق المثل إذا اختل ركن واحد ، و يبطل إذا اختل أكثر من ركن واحد.

وبالتالي اللجنة لم تلغي الولي بل استقر الرأي و تعيّن جمع شمل شتات المواد الأربعة السالفة في مادة واحدة تممت بمادة مكررة بغرض جعل مضامينها فقرات بدل البعد الموجود بين المادة 11 و المادة 33 مما جعل الناس لا ترى المادة 33 و هي موجودة منذ 1984 إلى يوم الناس هذا ، فجاء في مشروع الحكومة اختيار وسطي جعل الولاية حق للمرأة يجوز لها تفويضه و سنتعرض أدناه لــــما تمت مناقشته و عرضه في اللجنة سيما في الفوج الثالث حول رأي الفقه في الولاية في الزواج، من باب التأصيل الشرعي للمسألة حتى يتحدد مجال النقاش في حيزه العلمي لا السياسي، و لا يقول الناس أن قانون الأسرة الجديد خالف الشريعة الإسلامية و لا أن اللجنة لم تلتزم بأحكام الشرع أو أنها التزمت توصيات مؤتمر بكين كما يحلو للبعض رجم الناس بالتهم والظن.
فإذا رجعنا إلى: ( مقارنة المذاهب في الفقه) واستطلعنا موقف الأستاذين محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق و محمد علي السايس عضو هيئة كبار العلماء لوجدنا اتفاق علماء الأمة على أن للمرأة الرشيدة أن تلي جميع العقود بنفسها غير النكاح و لها أن توكل فيها من تشاء دون أن يعترض عليها أحد ، أما إذا باشـــرت الزواج دون ولي أو وكلت غيرها فذهب الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت وتلميذه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري و زُفر بن الهذيّل بن قيس الكوفي من فقهاء الحنفية إلى: صحة هذا النكاح مطلقا إلا أن للولي حق الاعتراض فيما إذا كان لغير كفء ما لم تلد أو تحمل حملا ظاهرا .
و الذين قالوا بأن مشروع قانون الأسرة الجديد بتر المذهب الحنفي لأنه لم يرد في التعديل أنه يجوز للولي طلب فسخ الزواج قضائيا إذا كان من غير كفء للزوجة ، نذكرهم بأن لا بتر في الموضوع لأن أحكام المادة 222 من القانون 84-11 لا تزال سارية المفعول و هي تحيلنا على أحكام الشريعة الإسلامية عند وجود أي نقص في القانون .
وإذا استطردنا في بحث مسألة الولاية في الزواج عند المذاهب والمدارس الفقهية نجد أن داود الظاهري و تلميذه ابن حزم الأندلسي صاحب المحلى بالآثار في الفقه ذهبا إلى أن عقد الزواج صحيح إذا كانت ثيبا و باطل إذا كانت بكرا.

وذهب الإمام أبو ثور إبراهيم بن خالد بن اليمان الكلبي البغدادي - و هو أبرز فقهاء الشافعية و كان لا يقلد الشافعي بل يخالفه متى ظهر له الدليل- إلى أنه صحيح إذا أذنها الولي به و باطل إذا لم يأذن.

وقال محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني الكوفي الحنفي هو صحيح موقوف على إجازة الولي إن أجازه الولي نفذ و إلا بطل ، و إذا امتنع الولي عن الإجازة في الكفء جدد القاضي العقد و لا يلتفت إليه.
و للإمام أحمد ابن تيمية من الحنابلة رأي لطيف ورد في موسوعة فقه السنة له حول: ( فقه النساء في الزواج و العِشرة و النشوز والطلاق ) بتحقيق الدكتور السيد الجميلي و الذي نشرته دار الفكر العربي ببيروت سنة 1999 جاء فيه عن ابن تيمية أنه سئل عن:
- إجبار الأب لابنته البكر البالغ على النكاح : هل يجوز أم لا؟
( فأجاب): و أما إجبار الأب لابنته البكر البالغة على النكاح : ففيه قولان مشهوران: هما روايتان عن أحمد.
( أحدهما) أنه يجبر البكر البالغ ، كما هو مذهب مالك و الشافـــعي و هو اختيار الخرقـــي و القاضي و أصحابه.
و(الثاني) لا يجبرها ، كمذهب أبي حنيفة و غيره ، وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز بن جعفر وهذا القول هو الصواب ، و الناس متنازعون في مناط الإجبار هل هو البكارة أو الصــغر أو مجموعهما أو كل منهما ؟ على أربعة أقوال في مذهب أحمد و غيره ، و الصحيح أن مناط الإجبار هو الصغر، و أن البكر البالغ لا يجبرها أحد على النكاح ، كان هذا قول الإمام ابن تيمية حرفيا دون تصرف نقلا عن الدكتور السيد الجميلي، ثم قال الإمام ابن تيمية في نفس سياق فتواه : قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: ( لا تنكح البكر حتى تستأذن و لا الثيب حتى تستأمر) رواه الــبخاري فقيل للنبي ( ص) : إن البكر تستحي؟ فقال: إذنها صُماتها و في لفظ في الصحــيح (البكر يستأذنها أبوها) فـــهذا نهي النبي صلى الله عليه و سلم: لا تـنكح حتى تستأذن و هو يتناول الأب و غيره ، و قد صرح بذلك في الرواية الأخرى الصحيحة و أن الأب نفسه يستأذنها.
و أيضا: فإن الأب ليس لــه أن يتصرف في مالها إذا كــــانت رشيدة إلا بإذنها و بُضعها أعظم من مالها، فكيف يجوز أن يتصرف في بضعها مع كراهتها ورشدها.
و أيضا: فإن الصغر سبب الحجر بالنص و الإجماع ، و أما جعل البكارة موجبة للحجر فهذا مخالف لأصول الإسلام ، فإن الشارع لم يجعل البكارة سببا للحجر في موضع من المواضع المجمع عليها ، فتعليل الحجر بذلك تعليل بوصف لا تأثير له في الشرع إلى أن قال بعد أن استفاض في شرح المقال : أما تزويجها مع كـراهتها للنكاح فهذا مخالف للأصول و العقول، و الله لم يسوغ لوليها أن يكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها ، و لا على طعام أو شراب أو لباس لا تريده ، فكيف يكرهها على مباضعة ( أي مجامعة ) و معاشــرة من تكره مباضعته و معاشرة من تكره معاشرته؟!والله قد جعل بين الزوجين مـــودة ورحمة فإذا كان لا يحصل إلا مع بغضها له، و نفورها عنه، فأي مودة ورحمة في ذلك ؟!.
كانت هذه فتوى الإمام ابن تيمية حرفيا وبإيجاز رغم أن كثير من الناس ينسبونه للتطرف و التشدد و لا يخفى ما في هذه الفتوى من لين ومرونة و توضيـح، و لابد لنا من الاطلاع على حكم الشريعة في هذه المسألة عند جميع الأئمة بما فيهم الإمام ابــن تيمية لكي يعرفها المجتمع بـــجميع تياراته وهذا قطعا لدابر الخلاف و الاختلاف حتى لا تكون في المجتمع فتنة و يكون لقانون الأسرة الجزائري السبق في التغيير نحو العصرنة و التحديث في ضوء مراعاة مقاصد الإسلام الخمس التي أفاض فيها الإمام الشاطبي في كتـــابه الموافقات .

عرض أدلة الأحناف في الولاية:
من القرآن: جاء في كثير من الآيات التصريح بإسناد النكاح إلى المرأة و الأصل في الإسناد أن يكون إلى الفاعل الحقيقي ، مثال:
01 - قول الله تعالى: ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره).
02 – وقوله تعالى : ( و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف.).
قالوا هذه الآيات ظاهرة في أن نكاح المرأة و مراجعتها و ما تفعل في نفسها بالمعروف يصدر عنها و يترتب علـيه أثره من غير توقف على إذن الولي و لا مباشرته إياه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://droit-oran.forumalgerie.net
Admin
المدير
المدير
Admin


عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 16/12/2010

 قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر     قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Emptyالأربعاء يونيو 01, 2011 4:04 pm

و أما من السنة:
가- مــا رواه الجماعة إلا البخاري عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلــى الله عليه وسلم : ( الثيب أحق بنفسها من وليها و البكر تستأذن في نفسها و إذنها صُماتها.)
나- و في رواية: ( الأيّم أحق بنفسها.).
다- و لأبـــي داود و النسائي : ( ليس للولي مع الثيب أمر و اليتــيمة تستأمر و صمتها إقرارها.)
ووجه الاستدلال: أن الحديث جعل الحق إلى المرأة في نفسها و نفى أن يكون لــغيرها أمر فيما يتعلق بنكاحها و هو بعمومه يتناول ما يتعلق باختيار الأزواج و ما يتعلق بالعقد.
I- أما البكر فنظرا لعدم أُلفها الرجال و ما يغلب عليها عادة من الحياء الذي يمنعها من التصريح بالرضا فضلا عن مباشرتها العقد اكتفى الشارع منها ترخيصا لها بما يدل على رضاها و ليس معنى هذا و لا من مقتضاه أن يسلب الشارع منها حق مباشرتها العقد الذي ثبت لها بمقتضى قواعد الأهلية العامة ، و ذلك لأنه ما دامت البكر بالغة عاقلة كالثيب فهي و إياها سواء فيما يختص بأمر النكاح.
II- وليس للبكارة تأثير في الحرمان من حق يكفي في ثبوته العقل و البلوغ كما عهد من الشارع في سائر الحقوق و لا يعدو أثر البكارة المستلزمة للحياء أن يكون هو الاكتفاء منها بما يفيد الرضا و يدل عليه كما نطقت بذلك الأحاديث حتى لو فرض أن بكرا لم تجري على عادة الأبكار و لم يمنعها الحياء أن تصرح برغبتها و أن تباشر حقها بنفسها لما تصورنا في هذه الناحية فرقا بينها و بين الثيب التي أعطيت كل الحق و لما تصورنا معنى يصح أن نحكم به على عقدها بالبطلان، و ليس لنا ما نتصوره في هـــذا الموضوع إلا صيانة المرأة و إبعادها عن مجالس الرجال و هذا أدب من الآداب الإسلامية العامة التي أباح الشارع من أجلها أن توكل المرأة في شؤونها من يباشرها في مجالس الرجال فهي مجرد رخصة لا يلزم من توكله إياها و مباشرة شأنها بنفسها أن يحكم على تصرفها بالبطلان .
ج – ومن جهة أخرى فإن هذا الحديث وغيره من أحاديث الاستئمار و أحاديث رد العقد الذي يعقد على المرأة و هي كارهة تدل صراحة على أن رضا المرأة أمـر لابد منه في النكاح ، وإذا كان الأمر كذلك فليس من المعقول و لا من المعهود شرعا أن يعتبر رضا شخص شرطا في صحة تصرف ثم يحكم ببطلان ذلك التصرف إذا ما باشره الشخص نفسه .
3 – ما ورد في تزوج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أم سلمة لما بعث إليها يخطبها إلى نفسها ، قالت : ليس أحد من أوليائي شاهدا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليس أحد من أوليائك شاهد و لا غائب يكره ذلك.
فـقد دل الحديث علــى أنه لم يكن أحد من أولياء أم سلمة حاضرا ذلك العقد و دل على أنه ليس للأولياء حق الاعتراض بإبداء الكراهة في غير محلها و ذلك ظاهر في أن اعتراض الولي لا يعول عليه حيث تتوفر الكفاءة فضلا عن أن العقد لا تتوقف صحته على مباشرة الولي .
هذا القدر من الرواية قــد اتفق عليه رواة هذا الحديث في تــزوج أم سلمة و أما ما روي من زيادة قولها لابنها : يا عمر قم فزوج رسول الله أو قوله (صلى الله عليه وسلم) لعمر : " قم يا غلام فزوج أمك " فهذا غير ثابت لأن ابنها عمر كان عند تزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بها صغير السن ليس أهلا للتصرف و القول بأن هذا من خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم مدفوع بما هو مقرر من أن الخصوصية لابد لها من دليل خاص .

و أما من المعقول :
- من البين أن عقد النكاح له مقاصد أولية تختص بالمرأة لا يشاركها فيها أحد من الأولياء و ذلك كحل الاستمتاع ووجوب النفقة و السكنى .
- و له وراء تلك المقاصد فوائد أخرى للأولياء فيها بعض الشأن كالمصاهرة التي يتوقف كمالها على مراعاة الكفاءة .
- والأصل في مثل هذا العقد أن يتولاه من يختص بمقاصد الأهلية و يكفي في مراعاة ما للغير من حق ثانوي أن يمنح حق الاعتراض على العقد إذا لم يكن مظنة للفوائد التي قد تعود إليه.
و بالتالي يرى الأحناف أن المرأة تكون قد تصرفت في خالص حقها و هي من أهله لكونها عاقلة مميزة و لهذا كان لها التصرف في المال و لها اختيار الأزواج و إنما يطالب الولي بالتزويج كي لا تنسب إلى الوقاحة .

أما عن رأي الجمهور : المالكية و الشافعية و الحنابلة في وجوب اشتراط موافقة الولي كركن لمباشرة العقد وليس حضوره كشاهــد و لا كشرط فقد استدلوا بالقرآن و السنة و المعقول .
أما من القرآن : 1- قوله تعالى :" و أنكحوا الأيامى منكــم و الصالحين من عبادكم و إمائكم ".
2- وقوله تعالى :" (و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا .)
3- و قوله تعالى : "( و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا
تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن .").
ووجه الاستدلال : أن الخطاب موجه إلى الأولياء فدّل عـلى أن الزواج إليهم لا إلى النساء .
و في الآية الثالثة أنها نهت الأولياء عن منعهن من نكاح من يخترن من الأزواج و إنما يتحقق المنع ممن في يده الممنوع فدل على أن عقد النكاح بيد الولي لا بيد المرأة ، و يؤيد هذا ما ورد في سبب نزول الآية فقد روى الـبخاري في صحيحه و أبو داود و الترمذي و صححه عن معقل بن يسار أن الآية نزلت فيه ، قال زوجت أختا لي فطلقها زوجها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك و أفرشتك و أكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا و الله لا تعود إليـك أبدا و كان رجلا لا بأس به و كانت تريد أن ترجع إليه فعلم الله حاجته إليها و حاجتها إليه فأنـزل الله هذه الآية : (و إذا طلقتم النساء ) فقلت : الآن افعل يا رسول الله قال فزوجها إياه .
قالوا : فلو كان لها أن تزوج نفسها لفعلت مع ما ذكر من رغـبتها في زوجها و على هذا يبعد أن يكون الخطاب في الآية للأزواج كما قيل.
و لقد ورد عــن عبــــد الله ابن عباس و طاووس بن كيسان الجندي التابعي شيخ أهل اليمن و مجاهد بن جبر من التابعين و غيرهم في تفسير : (الذي بيده عقدة النكاح ) في آية ( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ) أنه الولي .

أما من السنة :
1- ما رواه الإمام أحمد و أصحاب السنن إلا النسائي أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال: ( لا نكاح إلا بولي ) و صححه ابن حبان والحاكم و ذكر له الحاكم في المستدرك طرقا و قال : قد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) عائشة و أم سلمة و زينب بنت جحش ثم سرد تمام ثلاثين صحابيا قالوا : هو صريح في أن النكاح لا يصح بدون ولي .
2-ما رواه الخمسة إلا النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.).
3-ما رواه ابن ماجه و الدار قطني و البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لا تزوج المرأة المرأة ولاتزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها ).
و هذه الأدلة خلافية و مردود عليها و فيها نظر سيأتي تفصيله لاحقا.

وأما من المعقول : فـهو أن عقد الزواج له مقاصد شتى و هو رباط بين الأســر ، و المرأة بما عندها من نقص الاختيار عادة ( أو في الغالب) لا تحسن الاختيار لجهل أكثر النساء بالرجال و الأحوال فليست كل امرأة تاجرة أو عاملة أو عالمة بما لها و ما عليها و إن كانت تعلم فالحياء غالبا مانع لها و عارض لها لا سيما أنها تخضع لحكم العاطفة التي قد تغطي عليها جهة المصلحة فتحصيلا لهذه المقاصد على الوجه الأكمل منعت من مباشرة العقد.

أدلة الفقه الظاهري ( مذهب الأندلس ):
اسـتدل داود و ابن حزم و من وافقهما على التفرقة بين البكر و الثيب بحديث : ( الثيب أحق بنفسها من وليها.) و حديث: ( ليس للولي مع الثيب أمر.) قالوا: هما صريحان في أن كل أمر الثـــــيب إليها وحدها و منه عقد النكاح و صريحان أيضا في الأمر باستئذان البكر، فليس للبكر حق إلا أن تأذن في نكاحها و هو يدل على أن الذي يتولى نكاحها إنما هو غيرها و هو الولي الذي يستأذنها.
واستدل راوية مذهب الشافعي وفقيه العراق أبو ثور إبراهيم بن خالد بن اليمان الكلبي البغدادي على أن الشرط هو إذن الولي فقط بحديث عائشة : ( أيما امرأة …) فإنه يدل على أن نكاح المرأة نفسها إنما يكون باطلا إذا كان بغير إذن وليها فإذا زوجت نفسها بإذن وليها صح نكاحها و لا يتوقف على مباشرة الولي.
واستند محمد بن الحسن الشيباني على أن العقد موقوف على إجازة الولي إلى هذا الحديث غير أنه قال: ( إن الإذن أعم من أن يكون سابقا أو لاحقا.).
واستدل الشعبي وابن شهاب الزهري على أن العقد صحيح في الكفء و باطل في غيره بقـول النبي (صلى الله عليه وسلم) لأم سلمة: ليس أحد من أولئك شاهد أو غائب يكره ذلك جوابا لقولها ليس أحد من أوليائي شاهدا، فإنه يدل على صحة العقد بغير ولي حيث لا يكون هناك موجب لكراهة الأولياء بأن توفرت الكفـاءة ، و يدل بمفهومه على خلاف هذا.
هذا تفصيل ما ذكره شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت و الشيخ محمد علي السايس بتصرف في أدلة المذاهب منذ سنة 1953 و قالا رحـــمهما الله : لعلك تلمح و أنت تقرأ أدلة الحنفية ما تستطيع أن ترد به على داود و من وافقه في التفرقة بين البكر و الثيب من أنه لا يعقل أن يكون للبكارة معنى يكون سببا في بطلان العقد بعبارة البكر بعد أن يتوفر فيها العقل و البلوغ و ليس في حديث: ( الثيب أحق بنفسها و البكر تستأمر و إذنها صُماتها) ما يدل على عدم صحة العقد بعبارة البكر بل كل ما يؤخذ منه أن يكتفي منها نظرا لحيائها بما يدل على رضاها بالنكاح، أما أن العقد يكون باطلا إذا عقدته بنفسها فهذا ما لا يدل عليه الحديث أما استدلال أبو ثور بحديث عائشة رضي الله عنها: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل)فحديث مطعون فيه فقد روي من جملة طرق مدارها على ابن شهاب الزهري ،فالحجاج بن أرطأة راويه عن الزهري ضعيف و لم يثبت سماعه عن الزهري فحديثه منقطع و قد أخبر يحي بن معين عن ابن عليّة عن ابن جُرَيْج أنه سأل الزهري عن هذا الحديث فلم يعرفه فقال له أن سليمان بن موسى حدثنا به عنك ، فأثنى على سليمان خيرا و قال: ( أخشى أن يكون قد وهّم علي.) ، و في هذا إشارة إلى أن الزهري يكّذب هذه الرواية و ينكرها لا لأنه ينساها ، لأن هذا اللفظ في عرف المتكلمين من أهـل العلم يفيد معنى النفي بلفظ النفي، و تفصيل هذا في معاني الآثار للطحاوي و الدراية للحافظ ابن حجر العسقلاني.

وقد قال العلماء إن السيدة عائشة التي روي عنها هذا الحديث قد زوجت حفصة بنت أخيها عبد الرحمن و كان غائبا و لم يكن قد أذنها في هذا التزويج كما يدل عليه ما جاء في رواية ذلك من قول عبد الرحمن حينما حضر : ( أمثلي يُصنع به هذا و يفتات عليه في بناته.؟!) فلو كان حديث: ( أيما امرأة ..) السابق صحيحا لكان الزواج باطلا و كان لابد من إعادة العقد على حفصة مع أنه لم يحصل ، ثم لو كان صحيحا لما عملت عائشة رضي الله عنها على خلافه و هي الأحرص على حسن تطبيق السنة والشرع بوجه عام أو لكانا احتكما إلى النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره القاضي.
و عـــلى فرض صحة الاحتجاج بحديث : أيما إمرأة……. فغايته أنه حسن و مثله لا يقاوم الصحيح الذي استدل به من لا يشترط الولي و هو ما رجحه الإمام ابن تيمية كما أسلفنا أعلاه.
و لقـد رد الأحناف على الجمهــور بأن آية : ( و أنكحوا الآيامى منكم …) و آية : ( و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا…) أن الخطاب لعامة المسلمين لا لخصوص الأولياء و لا لأمرهم مباشرة عقد الزواج فهو من باب التشريع العام ، فيكون المسلمون مأمورين في الآية الأولى بالعمل على إعفاف الآيامى وعدم الحجر عليهن في التزويج كما كان يفعل أهل الجاهلية ، و يدل على هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه ، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد كبير.) .
أما الآية الثانية فالمقصود منها هو اشتراط إيمان الزوج إذا كانت المرأة مؤمنة و ليس خطابا لخصوص الأولياء و لا نهيا لهم خاصة عن مباشرة عقد تزويج المشركين.
ورد الأحناف على حديث : ( لا نكاح إلا بولي.) أنــه ضعيف مضطرب في إسناده ، و إن تعددت طرقه فغايته أنه حسن و هو لا يعارض الصحيح و أن العلة الحقيقية في فوات المصالح ليست هي الأنوثة كما يظن و إنما هي الصِغر الذي من شأنه أن يمنع عن مراعاة المصالح و يكفي مراعاة حق الولي أن يُستأذن في غير الكفء أو يُقبل اعتراضه على العقد إذا لم يأذن و لم تكن المرأة حاملا .
ورأى الشيخ محمود شلتوت و الشيخ علي السايس أنه مراعاة للآداب الإسلامية يستحب أخذ رأي الولي و أن يباشر العقد بنفسه كيلا نــنسب إلى الوقاحة والخروج عن مألوف العادات ، و أن الشريعة الإسلامية التي تقرر حق المرأة في الحياة العامـة و يجـعل لها في حياة الزوجية حقا مثل حق الرجال : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.) و تبيح لها التصرفات مع المحافظة على العِفة و الّشرف ليبعد كل البعد أن تجعل عبارتها مفسدة للعقد حضر الولي أم غاب ، رضي الولي أم لم يرض ، ولهذا كله كان الاختيار الراجح في تعديل أحكام المادة 09 و تتميمها بالمادة 09 مكــرر ، و بهذا يكون التعديل الجديد قلص من الأخذ بالولاية و تحولت من كونها ركنا إلى كونها شرط تمام لا شرط صحة.
فإن قال قائل لماذا لم يقع الالتزام بالمذهب المالكي وحده في تعديل قانون الأسرة نقول أن قانون الأسرة السابق رقم:84-11 لم يكن مالكيا كله بل أخذ بأحكام العول و هي ليست عند الإمام مالك و أخذ بتوريث ذوي الأرحام و الإمام مالك يورث بيت مال المسلمين أو الخزينة العامة وهذه مسألة خالفه فيها متأخروا المالكية ، و الإمام مالك نفسه كان قد قال: ( كل عالم يؤخذ منه و يرد عليه إلا صاحب هذا القبر الذي لا ينطق عن الهوى و أشار إلى قبر النبي صلى الله عليه و سلم ، و لقد عقدت عدة ملتقيات علمية مختصة في هذا الشأن فكان ملتقى التفاهم بين المذاهب الذي نظمه المجلس الإسلامي الأعلى و ملتقى جامعة قسنطينة للعلوم الإسلامية بمشاركة 15 جامعة بتاريخ 07-08 مارس 2004 أين خرج الجميع بتوصيات مفادها الحفاظ على الشريعة الإسلامية كمصدر لقانون الأسرة و الإفادة من جميع المذاهب الفقهية دون تعصب مذهبي لأن العبرة بالحق و ليست بالخلق و هو ما اعتمدته اللجنة في دراسة مختلف المسائل التي تعرضت إليها ، و من نخلص إلى أن مسألة الولاية في الزواج مسألة خلافية شرعا و رأي الحاكم يرفع الخلاف و باقي مهمة النقاش و استكماله تبقى لنواب الشعب و الأمة في البرلمان بغرفتيه و ليس للجنة 52 و لا لغيرها من المستشارين .
المادة 11: الولاية حق للمرأة الراشدة تمارسه بنفسها أو تفوضه لأبيها أو لأحد أقاربها ، مع مراعاة أحكام الفقرة 02 من المادة 07 من هذا القانون، يتولى زواج القاصر وليه و هو الأب فأحد الأقارب الأولين و القاضي ولي من لا ولي له.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب المرفقة مع المشروع التمهيدي لمراجعة قانون الأسرة الجديد كما نشر في جريدة الشروق اليومي يوم 09/08/2004 أن هذه المادة تجعل من الولاية حق للمرأة الراشدة تمارسه بنفسها أو تفوضه إلى والدها أو أحد
الأقارب ، فالمسألة متروكة لاختيار المرأة ، في حين يبقى الولي شرطا ضروريا في تزويج القّصر و تحيل هذه المادة على المادة 07 التي تنص على أن القاضي هو الذي يرخص بتزويج القصر.



التعليق:
الذي ينبغي أن نفهمه و نعيه هو أن اللجنة الوطنية لمراجعة قانون الأسرة لم تلغي الولي و الشرع لم يلغي الولي كلية والتقرير النهائي للجنة الصياغة لم يلغي الولي كذلك و حتى المشروع التمهيدي الذي عرض على مجلس الحكومة لم يلغي الولي ، إنما جاء المشروع بتقنين تصحيح لوضع قائم بجعل الولاية إختيارية للراشدة البالـغة و إجبارية للقصر ، تيسيرا للزواج الشرعي و سدا لذرائع الانحراف ، و غني عن البيان أن الفقهاء في هذه المسألة اختلفوا اختلافا شديدا و سبب اختلافهم كما قال ابن رشد الحفيد صاحب بداية المجتهد و نهاية المقتصد هو أنه لم تأت آية و لا سنة ظاهرة في اشتراط الولاية في النكاح فضلا عن أن يكون في ذلك نص ، بل الآيات و السنن التي جرت العادة بالاحتجاج بها عند من يشترطها هي كلها محتملة.
فعند الإمام مالك المشهور في المذهب أن الولاية شرط صحة و لكن في المذهب خلاف إذ حكى ابن رشد القرطبي أنه يتخرج على رواية ابن القاسم عن مالك في الولاية قول رابع : أن اشتراطها سنة لا فرض ، و ذلك أنه روي عنه أنه كان يرى الميراث بين الزوجين بغير ولي ، و أنه يجوز للمرأة غير الشريفة أن تستخلف رجلا من الناس على إنكاحها ، و كان يستحب أن تقدم الثيب وليها ليعقد عليها ، فكأنه عنده من شروط التمام لا من شروط الصحة ، بخلاف عبارة البغداديين من أصحاب مالك، قال ابن رشد أعني أنها من شروط الصحة لا من شروط التمام.
و بالتالي فجعل الولاية اختيارية لا يعني إلغائها لأن المرأة الشريفة لا يمكنها أن تتزوج بدون حضور وليها سواء أوجبه القانون أم جعله اختياريا ، لأن حضور وليها هو أقدس اختياراتها، أما غير الشريفة بلغة الفقهاء فبدلا من حرمانها من الزواج و فتح لها منافذ الفساد فأن تكون زوجة أكرم لها من أن تكون أما عازبة وزواج البالغة الراشدة دون ولي كموقف اختياري منها اعتمدته دولا عربية و إسلامية غيرنا لسنا أكثر إسلاما منها كالمملكة المغربية في أحكام المادتين 24 و 25 من مدونة الأحوال الشخصية الجديدة الصادرة بالقانون رقم:2003/70 الصادر بتنفيذه ما يسمى بالظهير الشريف رقم:1.04.22 المؤرخ في 03/02/2004 المنشور بالجريدة الرسمية المغربية العدد 5184 المؤرخ في 05/02/2004.
و من تم فمسألة الولاية في الزواج كانت من أهم المواضيع الخلافية عند الدارسين و في لجنة مراجعة قانون الأسرة مثلما كان حالها على مدار قرون مضت ، فكان رأي الخبراء والدارسين منقسم بين من يرى أن الولاية يجب أن تلغى كلية لأنه لا يعقل أن تكون المرأة قاضية و تعتبر بحكم القانــــــون ولي من لا ولي له بموجب المادة 11 من قانون الأسرة رقم:84-11و تحتـــاج هي إلى ولي !! وتكون وزيـرة ومحامية و مرشحة لرئاسة الجمهورية !! فهذا ما لا يستقيـــم مع العقل و المنطق و يعتبر مساس بمبدأ المساواة بين المواطنين وفقا لأحكام الدستور، و للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، و كان هذا رأي فريق من أعضاء اللجنة .

و كــــان فريق آخر من الباحثين يرى أن إسقاط الولاية كلية يتعـــارض مع الشرع و يتعارض مع طبيعة المجتمع وما تعارف عليه الناس من قيم وتقاليد و بالتالي فليس من الحق و العدل إرضاء قلة على حساب كثرة من أبناء المجتمـع ، سيما و أن المتفق عليه داخل اللجنة ووفقا لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية الّسيد عبد العزيز بوتفليقة في كثير من خطبه الإبقاء على الشريعة الإسلامية كمصدر لقانون الأسرة ومرجعية له و ليس في الشريعة الإسلامية بمذاهبها السنية الأربعة من يسقط الولاية و من المساس بأحكام الدستور لاسيما المادة 02 التي تعتبر الإسلام دين الدولة إسقاط الولاية، و من تم مبدأ المساواة للمواطنين أمام القانون مبدأ دستوري صحيح لكن ليس على إطلاقه بل هو مقيد بالمادة 02 من نفس الدستور ، و بهذا فالإبقاء على الولي دستوري و لا إشكال فيه و إلغاء الولي مصادم للشعور العام و لأعراف المجتمع ، فالولاية في الزواج في الجزائر موضوع إجماع إجتماعي و إن أختلف فيها العلماء على مر العصور.

و من تم فلقد تم الاعتماد في المشروع الذي صادقت عليه الحكومة على اعتبار الولاية حق للمرأة تمارسه بنفسها حسب اختيارها و مصلحتها و لها أن تفوض أباها أو أحد أقاربها إن أرادت والأسانيد الشرعية المؤدية إلى هذا الرأي نوردها أدناه.

والمؤكد في الواقع القضائي أن مسألة الولاية في الزواج لا تشكل أي إشكال في الحياة العملية رغم مطالب كثير من الجمعيات النسوية التي تغفل عن حقوق المرأة في قانون الأسرة القديم رقم 84-11 موضوع التعديل إذ قانون الأسرة الساري المفعول نص على الولاية في 04 مواد لا خامس لها في القانون رقم:84-11 و هي المواد: 11-12-13-33 و أن عقد الزواج بشاهدين وصداق و تراضي و دخول صحيح ولو بدون توافر ركن الولي في التشريع السابق يقع صحيحا من غير إشكال لكن الناس لا يعرفون حقــــوقهم و قانون الأسرة كان مظلوما في هذه النقطة وللتوضيح بالرجوع إلى مضمون المواد السابقة نجدها كانت تنص للتذكير على ما يلي:
المادة 11 : يتولى زواج المرأة وليها و هو أبوها فأحد أقاربها الأولين ، والقاضي ولي من لا ولي له.
المادة 12: لا يجوز للولي أن يمنع من في ولايته من الزواج إذا رغبت فيه وكان أصلح لها ، و إذا وقع المنع فللقاضي أن يأذن به مع مراعاة أحكام المادة 09 من هذا القانون.
غير أن للأب أن يمنع بنته البكر من الزواج إذا كان في المنع مصلحة للبنت.
المادة 13: لا يجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر من في ولايته على الزواج ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها.
المادة 33: إذا تم الزواج بدون ولي أو شاهدين أو صداق ، يفسخ قبل الدخول و لا صداق فيه ويثبت بعد الدخول بصداق المثل إذا اختل ركن واحد ، و يبطل إذا اختل أكثر من ركن واحد.

وبالتالي أؤكد بأنه لا اللجنة و لا تقرير اللجنة بأفواجها الأربعة و لا حتى مشروع الحكومة ألغى الولي ، بل جاء في المشروع التمهيدي لتعديل قانون الأسرة جمع شمل شتات المواد الأربعة السالفة في مادة واحدة بغرض جعل مضامينها فقرات بدل البعد الموجود بين المادة 11 و المادة 33 مما جعــل الناس لا تــرى المادة 33 و هي موجودة منذ 1984 إلى يوم الناس هذا ، فجاء في المشروع التمهيدي اختيار وسطي بجعل الولاية حق للمرأة يجوز لها تفويضه و هو ما اختارته دولا إسلامية غير بلادنا و سنتعرض أدناه لــــما تمت مناقشته و عرضه في اللجنة سيما في الفوج الثالث حول رأي الفقه في الولاية في الزواج، من باب التأصيل الشرعي للمسألة حتى يتحدد مجال النقاش في حيزه العلمي لا السياسي، و لا يقول الناس أن قانون الأسرة الجديد خالف الشريعة الإسلامية و لا أن اللجنة لم تلتزم بأحكام الشرع أو أنها التزمت توصيات مؤتمر بكين كما يحلو للبعض رجم الناس بالتهم والظن.
فإذا رجعنا إلى: ( مقارنة المذاهب في الفقه) واستطلعنا موقف الأستاذين محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق و محمد علي السايس عضو هيئة كبار العلماء لوجدنا اتفاق علماء الأمة على أن للمرأة الرشيدة أن تلي جميع العقود بنفسها غير النكاح و لها أن توكل فيها من تشاء دون أن يعترض عليها أحد ، أما إذا باشـــرت الزواج دون ولي أو وكلت غيرها فذهب الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت وتلميذه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري و زُفر بن الهذيّل بن قيس الكوفي من فقهاء الحنفية إلى: صحة هذا النكاح مطلقا إلا أن للولي حق الاعتراض فيما إذا كان لغير كفء ما لم تلد أو تحمل حملا ظاهرا .
و الذين قالوا بأن مشروع قانون الأسرة الجديد بتر المذهب الحنفي لأنه لم يرد في التعديل أنه يجوز للولي طلب فسخ الزواج قضائيا إذا كان من غير كفء للزوجة ، نذكرهم بأن لا بتر في الموضوع لأن أحكام المادة 222 من القانون 84-11 لا تزال سارية المفعول و هي تحيلنا على أحكام الشريعة الإسلامية عند وجود أي نقص في القانون .
وإذا استطردنا في بحث مسألة الولاية في الزواج عند المذاهب والمدارس الفقهية نجد أن داود الظاهري و تلميذه ابن حزم الأندلسي صاحب المحلى بالآثار في الفقه ذهبا إلى أن عقد الزواج صحيح إذا كانت ثيبا و باطل إذا كانت بكرا.

وذهب الإمام أبو ثور إبراهيم بن خالد بن اليمان الكلبي البغدادي - و هو أبرز فقهاء الشافعية و كان لا يقلد الشافعي بل يخالفه متى ظهر له الدليل- إلى أنه صحيح إذا أذنها الولي به و باطل إذا لم يأذن.

وقال محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني الكوفي الحنفي هو صحيح موقوف على إجازة الولي إن أجازه الولي نفذ و إلا بطل ، و إذا امتنع الولي عن الإجازة في الكفء جدد القاضي العقد و لا يلتفت إليه.
و للإمام أحمد ابن تيمية من الحنابلة رأي لطيف ورد في موسوعة فقه السنة له حول: ( فقه النساء في الزواج و العِشرة و النشوز والطلاق ) بتحقيق الدكتور السيد الجميلي و الذي نشرته دار الفكر العربي ببيروت سنة 1999 جاء فيه عن ابن تيمية أنه سئل عن:
- إجبار الأب لابنته البكر البالغ على النكاح : هل يجوز أم لا؟
( فأجاب): و أما إجبار الأب لابنته البكر البالغة على النكاح : ففيه قولان مشهوران: هما روايتان عن أحمد.
( أحدهما) أنه يجبر البكر البالغ ، كما هو مذهب مالك و الشافـــعي و هو اختيار الخرقـــي و القاضي و أصحابه.
و(الثاني) لا يجبرها ، كمذهب أبي حنيفة و غيره ، وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز بن جعفر وهذا القول هو الصواب ، و الناس متنازعون في مناط الإجبار هل هو البكارة أو الصــغر أو مجموعهما أو كل منهما ؟ على أربعة أقوال في مذهب أحمد و غيره ، و الصحيح أن مناط الإجبار هو الصغر، و أن البكر البالغ لا يجبرها أحد على النكاح ، كان هذا قول الإمام ابن تيمية حرفيا دون تصرف نقلا عن الدكتور السيد الجميلي، ثم قال الإمام ابن تيمية في نفس سياق فتواه : قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: ( لا تنكح البكر حتى تستأذن و لا الثيب حتى تستأمر) رواه الــبخاري فقيل للنبي ( ص) : إن البكر تستحي؟ فقال: إذنها صُماتها و في لفظ في الصحــيح (البكر يستأذنها أبوها) فـــهذا نهي النبي صلى الله عليه و سلم: لا تـنكح حتى تستأذن و هو يتناول الأب و غيره ، و قد صرح بذلك في الرواية الأخرى الصحيحة و أن الأب نفسه يستأذنها.
و أيضا: فإن الأب ليس لــه أن يتصرف في مالها إذا كــــانت رشيدة إلا بإذنها و بُضعها أعظم من مالها، فكيف يجوز أن يتصرف في بضعها مع كراهتها ورشدها.
و أيضا: فإن الصغر سبب الحجر بالنص و الإجماع ، و أما جعل البكارة موجبة للحجر فهذا مخالف لأصول الإسلام ، فإن الشارع لم يجعل البكارة سببا للحجر في موضع من المواضع المجمع عليها ، فتعليل الحجر بذلك تعليل بوصف لا تأثير له في الشرع إلى أن قال بعد أن استفاض في شرح المقال : أما تزويجها مع كـراهتها للنكاح فهذا مخالف للأصول و العقول، و الله لم يسوغ لوليها أن يكرهها على بيع أو إجارة إلا بإذنها ، و لا على طعام أو شراب أو لباس لا تريده ، فكيف يكرهها على مباضعة ( أي مجامعة ) و معاشــرة من تكره مباضعته و معاشرة من تكره معاشرته؟!والله قد جعل بين الزوجين مـــودة ورحمة فإذا كان لا يحصل إلا مع بغضها له، و نفورها عنه، فأي مودة ورحمة في ذلك ؟!.
كانت هذه فتوى الإمام ابن تيمية حرفيا وبإيجاز رغم أن كثير من الناس ينسبونه للتطرف و التشدد و لا يخفى ما في هذه الفتوى من لين ومرونة و توضيـح، و لابد لنا من الاطلاع على حكم الشريعة في هذه المسألة عند جميع الأئمة بما فيهم الإمام ابــن تيمية لكي يعرفها المجتمع بـــجميع تياراته وهذا قطعا لدابر الخلاف و الاختلاف حتى لا تكون في المجتمع فتنة و يكون لقانون الأسرة الجزائري السبق في التغيير نحو العصرنة و التحديث في ضوء مراعاة مقاصد الإسلام الخمس التي أفاض فيها الإمام الشاطبي في كتـــابه الموافقات .

عرض أدلة الأحناف في الولاية:
من القرآن: جاء في كثير من الآيات التصريح بإسناد النكاح إلى المرأة و الأصل في الإسناد أن يكون إلى الفاعل الحقيقي ، مثال:
01 - قول الله تعالى: ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره).
02 – وقوله تعالى : ( و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف.).
قالوا هذه الآيات ظاهرة في أن نكاح المرأة و مراجعتها و ما تفعل في نفسها بالمعروف يصدر عنها و يترتب علـيه أثره من غير توقف على إذن الولي و لا مباشرته إياه.

و أما من السنة:
라- مــا رواه الجماعة إلا البخاري عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلــى الله عليه وسلم : ( الثيب أحق بنفسها من وليها و البكر تستأذن في نفسها و إذنها صُماتها.)
마- و في رواية: ( الأيّم أحق بنفسها.).
바- و لأبـــي داود و النسائي : ( ليس للولي مع الثيب أمر و اليتــيمة تستأمر و صمتها إقرارها.)
ووجه الاستدلال: أن الحديث جعل الحق إلى المرأة في نفسها و نفى أن يكون لــغيرها أمر فيما يتعلق بنكاحها و هو بعمومه يتناول ما يتعلق باختيار الأزواج و ما يتعلق بالعقد.
III- أما البكر فنظرا لعدم أُلفها الرجال و ما يغلب عليها عادة من الحياء الذي يمنعها من التصريح بالرضا فضلا عن مباشرتها العقد اكتفى الشارع منها ترخيصا لها بما يدل على رضاها و ليس معنى هذا و لا من مقتضاه أن يسلب الشارع منها حق مباشرتها العقد الذي ثبت لها بمقتضى قواعد الأهلية العامة ، و ذلك لأنه ما دامت البكر بالغة عاقلة كالثيب فهي و إياها سواء فيما يختص بأمر النكاح.
IV- وليس للبكارة تأثير في الحرمان من حق يكفي في ثبوته العقل و البلوغ كما عهد من الشارع في سائر الحقوق و لا يعدو أثر البكارة المستلزمة للحياء أن يكون هو الاكتفاء منها بما يفيد الرضا و يدل عليه كما نطقت بذلك الأحاديث حتى لو فرض أن بكرا لم تجري على عادة الأبكار و لم يمنعها الحياء أن تصرح برغبتها و أن تباشر حقها بنفسها لما تصورنا في هذه الناحية فرقا بينها و بين الثيب التي أعطيت كل الحق و لما تصورنا معنى يصح أن نحكم به على عقدها بالبطلان، و ليس لنا ما نتصوره في هـــذا الموضوع إلا صيانة المرأة و إبعادها عن مجالس الرجال و هذا أدب من الآداب الإسلامية العامة التي أباح الشارع من أجلها أن توكل المرأة في شؤونها من يباشرها في مجالس الرجال فهي مجرد رخصة لا يلزم من توكله إياها و مباشرة شأنها بنفسها أن يحكم على تصرفها بالبطلان .
ج – ومن جهة أخرى فإن هذا الحديث وغيره من أحاديث الاستئمار و أحاديث رد العقد الذي يعقد على المرأة و هي كارهة تدل صراحة على أن رضا المرأة أمـر لابد منه في النكاح ، وإذا كان الأمر كذلك فليس من المعقول و لا من المعهود شرعا أن يعتبر رضا شخص شرطا في صحة تصرف ثم يحكم ببطلان ذلك التصرف إذا ما باشره الشخص نفسه .
3 – ما ورد في تزوج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أم سلمة لما بعث إليها يخطبها إلى نفسها ، قالت : ليس أحد من أوليائي شاهدا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليس أحد من أوليائك شاهد و لا غائب يكره ذلك.
فـقد دل الحديث علــى أنه لم يكن أحد من أولياء أم سلمة حاضرا ذلك العقد و دل على أنه ليس للأولياء حق الاعتراض بإبداء الكراهة في غير محلها و ذلك ظاهر في أن اعتراض الولي لا يعول عليه حيث تتوفر الكفاءة فضلا عن أن العقد لا تتوقف صحته على مباشرة الولي .
هذا القدر من الرواية قــد اتفق عليه رواة هذا الحديث في تــزوج أم سلمة و أما ما روي من زيادة قولها لابنها : يا عمر قم فزوج رسول الله أو قوله (صلى الله عليه وسلم) لعمر : " قم يا غلام فزوج أمك " فهذا غير ثابت لأن ابنها عمر كان عند تزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بها صغير السن ليس أهلا للتصرف و القول بأن هذا من خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم مدفوع بما هو مقرر من أن الخصوصية لابد لها من دليل خاص .

و أما من المعقول :
- من البين أن عقد النكاح له مقاصد أولية تختص بالمرأة لا يشاركها فيها أحد من الأولياء و ذلك كحل الاستمتاع ووجوب النفقة و السكنى .
- و له وراء تلك المقاصد فوائد أخرى للأولياء فيها بعض الشأن كالمصاهرة التي يتوقف كمالها على مراعاة الكفاءة .
- والأصل في مثل هذا العقد أن يتولاه من يختص بمقاصد الأهلية و يكفي في مراعاة ما للغير من حق ثانوي أن يمنح حق الاعتراض على العقد إذا لم يكن مظنة للفوائد التي قد تعود إليه.
و بالتالي يرى الأحناف أن المرأة تكون قد تصرفت في خالص حقها و هي من أهله لكونها عاقلة مميزة و لهذا كان لها التصرف في المال و لها اختيار الأزواج و إنما يطالب الولي بالتزويج كي لا تنسب إلى الوقاحة .

أما عن رأي الجمهور : المالكية و الشافعية و الحنابلة في وجوب اشتراط موافقة الولي كركن لمباشرة العقد وليس حضوره كشاهــد و لا كشرط فقد استدلوا بالقرآن و السنة و المعقول .
أما من القرآن : 1- قوله تعالى :" و أنكحوا الأيامى منكــم و الصالحين من عبادكم و إمائكم ".
2- وقوله تعالى :" (و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا .)
3- و قوله تعالى : "( و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا
تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن .").
ووجه الاستدلال : أن الخطاب موجه إلى الأولياء فدّل عـلى أن الزواج إليهم لا إلى النساء .
و في الآية الثالثة أنها نهت الأولياء عن منعهن من نكاح من يخترن من الأزواج و إنما يتحقق المنع ممن في يده الممنوع فدل على أن عقد النكاح بيد الولي لا بيد المرأة ، و يؤيد هذا ما ورد في سبب نزول الآية فقد روى الـبخاري في صحيحه و أبو داود و الترمذي و صححه عن معقل بن يسار أن الآية نزلت فيه ، قال زوجت أختا لي فطلقها زوجها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك و أفرشتك و أكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا و الله لا تعود إليـك أبدا و كان رجلا لا بأس به و كانت تريد أن ترجع إليه فعلم الله حاجته إليها و حاجتها إليه فأنـزل الله هذه الآية : (و إذا طلقتم النساء ) فقلت : الآن افعل يا رسول الله قال فزوجها إياه .
قالوا : فلو كان لها أن تزوج نفسها لفعلت مع ما ذكر من رغـبتها في زوجها و على هذا يبعد أن يكون الخطاب في الآية للأزواج كما قيل.
و لقد ورد عــن عبــــد الله ابن عباس و طاووس بن كيسان الجندي التابعي شيخ أهل اليمن و مجاهد بن جبر من التابعين و غيرهم في تفسير : (الذي بيده عقدة النكاح ) في آية ( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ) أنه الولي .

أما من السنة :
1- ما رواه الإمام أحمد و أصحاب السنن إلا النسائي أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال: ( لا نكاح إلا بولي ) و صححه ابن حبان والحاكم و ذكر له الحاكم في المستدرك طرقا و قال : قد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) عائشة و أم سلمة و زينب بنت جحش ثم سرد تمام ثلاثين صحابيا قالوا : هو صريح في أن النكاح لا يصح بدون ولي .
2-ما رواه الخمسة إلا النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.).
3-ما رواه ابن ماجه و الدار قطني و البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لا تزوج المرأة المرأة ولاتزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها ).
و هذه الأدلة خلافية و مردود عليها و فيها نظر سيأتي تفصيله لاحقا.

وأما من المعقول : فـهو أن عقد الزواج له مقاصد شتى و هو رباط بين الأســر ، و المرأة بما عندها من نقص الاختيار عادة ( أو في الغالب) لا تحسن الاختيار لجهل أكثر النساء بالرجال و الأحوال فليست كل امرأة تاجرة أو عاملة أو عالمة بما لها و ما عليها و إن كانت تعلم فالحياء غالبا مانع لها و عارض لها لا سيما أنها تخضع لحكم العاطفة التي قد تغطي عليها جهة المصلحة فتحصيلا لهذه المقاصد على الوجه الأكمل منعت من مباشرة العقد.

أدلة الفقه الظاهري ( مذهب الأندلس ):
اسـتدل داود و ابن حزم و من وافقهما على التفرقة بين البكر و الثيب بحديث : ( الثيب أحق بنفسها من وليها.) و حديث: ( ليس للولي مع الثيب أمر.) قالوا: هما صريحان في أن كل أمر الثـــــيب إليها وحدها و منه عقد النكاح و صريحان أيضا في الأمر باستئذان البكر، فليس للبكر حق إلا أن تأذن في نكاحها و هو يدل على أن الذي يتولى نكاحها إنما هو غيرها و هو الولي الذي يستأذنها.
واستدل راوية مذهب الشافعي وفقيه العراق أبو ثور إبراهيم بن خالد بن اليمان الكلبي البغدادي على أن الشرط هو إذن الولي فقط بحديث عائشة : ( أيما امرأة …) فإنه يدل على أن نكاح المرأة نفسها إنما يكون باطلا إذا كان بغير إذن وليها فإذا زوجت نفسها بإذن وليها صح نكاحها و لا يتوقف على مباشرة الولي.
واستند محمد بن الحسن الشيباني على أن العقد موقوف على إجازة الولي إلى هذا الحديث غير أنه قال: ( إن الإذن أعم من أن يكون سابقا أو لاحقا.).
واستدل الشعبي وابن شهاب الزهري على أن العقد صحيح في الكفء و باطل في غيره بقـول النبي (صلى الله عليه وسلم) لأم سلمة: ليس أحد من أولئك شاهد أو غائب يكره ذلك جوابا لقولها ليس أحد من أوليائي شاهدا، فإنه يدل على صحة العقد بغير ولي حيث لا يكون هناك موجب لكراهة الأولياء بأن توفرت الكفـاءة ، و يدل بمفهومه على خلاف هذا.
هذا تفصيل ما ذكره شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت و الشيخ محمد علي السايس بتصرف في أدلة المذاهب منذ سنة 1953 و قالا رحـــمهما الله : لعلك تلمح و أنت تقرأ أدلة الحنفية ما تستطيع أن ترد به على داود و من وافقه في التفرقة بين البكر و الثيب من أنه لا يعقل أن يكون للبكارة معنى يكون سببا في بطلان العقد بعبارة البكر بعد أن يتوفر فيها العقل و البلوغ و ليس في حديث: ( الثيب أحق بنفسها و البكر تستأمر و إذنها صُماتها) ما يدل على عدم صحة العقد بعبارة البكر بل كل ما يؤخذ منه أن يكتفي منها نظرا لحيائها بما يدل على رضاها بالنكاح، أما أن العقد يكون باطلا إذا عقدته بنفسها فهذا ما لا يدل عليه الحديث أما استدلال أبو ثور بحديث عائشة رضي الله عنها: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل)فحديث مطعون فيه فقد روي من جملة طرق مدارها على ابن شهاب الزهري ،فالحجاج بن أرطأة راويه عن الزهري ضعيف و لم يثبت سماعه عن الزهري فحديثه منقطع و قد أخبر يحي بن معين عن ابن عليّة عن ابن جُرَيْج أنه سأل الزهري عن هذا الحديث فلم يعرفه فقال له أن سليمان بن موسى حدثنا به عنك ، فأثنى على سليمان خيرا و قال: ( أخشى أن يكون قد وهّم علي.) ، و في هذا إشارة إلى أن الزهري يكّذب هذه الرواية و ينكرها لا لأنه ينساها ، لأن هذا اللفظ في عرف المتكلمين من أهـل العلم يفيد معنى النفي بلفظ النفي، و تفصيل هذا في معاني الآثار للطحاوي و الدراية للحافظ ابن حجر العسقلاني.

وقد قال العلماء إن السيدة عائشة التي روي عنها هذا الحديث قد زوجت حفصة بنت أخيها عبد الرحمن و كان غائبا و لم يكن قد أذنها في هذا التزويج كما يدل عليه ما جاء في رواية ذلك من قول عبد الرحمن حينما حضر : ( أمثلي يُصنع به هذا و يفتات عليه في بناته.؟!) فلو كان حديث: ( أيما امرأة ..) السابق صحيحا لكان الزواج باطلا و كان لابد من إعادة العقد على حفصة مع أنه لم يحصل ، ثم لو كان صحيحا لما عملت عائشة رضي الله عنها على خلافه و هي الأحرص على حسن تطبيق السنة والشرع بوجه عام أو لكانا احتكما إلى النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره القاضي.
و عـــلى فرض صحة الاحتجاج بحديث : أيما إمرأة……. فغايته أنه حسن و مثله لا يقاوم الصحيح الذي استدل به من لا يشترط الولي و هو ما رجحه الإمام ابن تيمية كما أسلفنا أعلاه.
و لقـد رد الأحناف على الجمهــور بأن آية : ( و أنكحوا الآيامى منكم …) و آية : ( و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا…) أن الخطاب لعامة المسلمين لا لخصوص الأولياء و لا لأمرهم مباشرة عقد الزواج فهو من باب التشريع العام ، فيكون المسلمون مأمورين في الآية الأولى بالعمل على إعفاف الآيامى وعدم الحجر عليهن في التزويج كما كان يفعل أهل الجاهلية ، و يدل على هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( إذا جاءكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه ، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد كبير.) .
أما الآية الثانية فالمقصود منها هو اشتراط إيمان الزوج إذا كانت المرأة مؤمنة و ليس خطابا لخصوص الأولياء و لا نهيا لهم خاصة عن مباشرة عقد تزويج المشركين.
ورد الأحناف على حديث : ( لا نكاح إلا بولي.) أنــه ضعيف مضطرب في إسناده ، و إن تعددت طرقه فغايته أنه حسن و هو لا يعارض الصحيح و أن العلة الحقيقية في فوات المصالح ليست هي الأنوثة كما يظن و إنما هي الصِغر الذي من شأنه أن يمنع عن مراعاة المصالح و يكفي مراعاة حق الولي أن يُستأذن في غير الكفء أو يُقبل اعتراضه على العقد إذا لم يأذن و لم تكن المرأة حاملا .
ورأى الشيخ محمود شلتوت و الشيخ علي السايس أنه مراعاة للآداب الإسلامية يستحب أخذ رأي الولي و أن يباشر العقد بنفسه كيلا نــنسب إلى الوقاحة والخروج عن مألوف العادات ، و أن الشريعة الإسلامية التي تقرر حق المرأة في الحياة العامـة و يجـعل لها في حياة الزوجية حقا مثل حق الرجال : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.) و تبيح لها التصرفات مع المحافظة على العِفة و الّشرف ليبعد كل البعد أن تجعل عبارتها مفسدة للعقد حضر الولي أم غاب ، رضي الولي أم لم يرض ، ولهذا كله كان الاختيار الراجح في تعديل أحكام المادة 09 و تتميمها بالمادة 09 مكــرر ، و بهذا يكون التعديل الجديد قلص من الأخذ بالولاية و تحولت من كونها ركنا إلى كونها شرط تمام لا شرط صحة.
فإن قال قائل لماذا لم يقع الالتزام بالمذهب المالكي وحده في تعديل قانون الأسرة نقول أن قانون الأسرة السابق رقم:84-11 لم يكن مالكيا كله بل أخذ بأحكام العول و هي ليست عند الإمام مالك و أخذ بتوريث ذوي الأرحام و الإمام مالك يورث بيت مال المسلمين أو الخزينة العامة وهذه مسألة خالفه فيها متأخروا المالكية ، و الإمام مالك نفسه كان قد قال: ( كل عالم يؤخذ منه و يرد عليه إلا صاحب هذا القبر الذي لا ينطق عن الهوى و أشار إلى قبر النبي صلى الله عليه و سلم ، و لقد عقدت عدة ملتقيات علمية مختصة في هذا الشأن فكان ملتقى التفاهم بين المذاهب الذي نظمه المجلس الإسلامي الأعلى و ملتقى جامعة قسنطينة للعلوم الإسلامية بمشاركة 15 جامعة بتاريخ 07-08 مارس 2004 أين خرج الجميع بتوصيات مفادها الحفاظ على الشريعة الإسلامية كمصدر لقانون الأسرة و الإفادة من جميع المذاهب الفقهية دون تعصب مذهبي لأن العبرة بالحق و ليست بالخلق و هو ما اعتمدته اللجنة في دراسة مختلف المسائل التي تعرضت إليها .
و من تم نخلص إلى أن مسألة الولاية في الزواج مسألة خلافية شرعا و رأي الحاكم يرفع الخلاف فيها و العرف الجزائري الولاية عنده محل إجماع رغم أنها مختلف فيـها شرعا و يبقى الحسم فيها واستكمال مهمة النقاش و إتمامه يبقى لنواب الشعب و الأمة في البرلمان بغرفتيه و ليس للجنة 52 و لا لغيرها من المستشارين .
المادة 19 : للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد لاحق كل الشروط التي يريانها ضرورية ما لم تتناف مع هذا القانون.

عرض الأسباب: ورد في عرض الأسباب المرفقة بهذه المادة أنها تعطي للزوجين إمكانية أن يشترطا في عقد الزواج أو في عقد لاحق لعقد الزواج ما يريانه ضروريا من شروط ، و يهدف هذا التعديل إلى تمكين الزوجين من حل المشاكل
التي قد تقع بينهما بعد الزواج ، لاسيما فيما يتعلق بعمل الزوجة.

التعليق: هذه المادة كانت موجودة منذ 1984 و الجديد فيها فقط عبارة : ( أو في عقد لاحق ) و في الواقع كانت المادة 19 السابقة تشكل سبقا كبيرا للتشريع الجزائري في عقود الزواج بأن جعلت للزوجين حق الاشتراط ما لم تخالف هذه الشروط القانون و الشريعة الإسلامية ، أي ما لم تكن الشروط باطلة ولا ماسة بالنظام العام ، و سند ذلك قاعدة : (العقد شريعة المتعاقدين والمسلمون عند شروطهم ) ، لكن بقيت هذه المادة معطلة عمليا منذ 1984 لجهل الأزواج بحقوقهم و خاصة الزوجات فجاءت المادة 19 معدلة عامة في الشروط و مخصصة لعمومها بتحديد أن للزوجة أن تشترط على زوجها حين إبرام العقد أو بعقد لاحق، و كان الرأي منعقد على تخصيص جملة شروط على سبيل المثال لا الحصر مثل اشتراط عدم الزواج عليها و هو شرط ثابت شرعا و جائز قانونا فتم اقتراح تقنينـه تقنينه و كذا شرط السكن المنفرد ، فالزوجات وفقا لواقع المجتمع و المنازعات التي تشهدها يوميا محاكم الجمهورية يرضين بالسكن مع الأهل ثم يطالبن بالسكن المنفرد باعتباره حق فيتحول الحق إلى التزام بمستحيل فتهدم أسر و يتشتت الأطفال فتعين إقتراح تحديد ذلك بجواز الاشتراط فيه أول العقد ، فإن تكن الزوجة قد رضيت بالسكن مع الأهل فلا حق لها في التشكي بعد ذلك و طلب السكن المنفرد إلا عند تفاقم الضرر، و كذا اشتراط الزوجة على زوجها أن تعمل أو تواصل دراستها ، فحقها في العمل دستوري و حق زوجها عليها مقدم على حقها في العمل لكون زوجها مطالب بالإنفاق عليها فتعين فتح باب الاشتراط حسما للاختلاف الذي قد يقع ، فتكون شروط العقد شريعة للمتعاقدين ، و مثل ذلك الاتفاق على الملكية بين الزوجين وتحديدها بالنسبة للأملاك العقارية بصفة خاصة كأن تساهم الزوجة بقيمة ذهبها في بناء دار ثم يقع بعد طلاقها إن وقع أن يستولي لها الزوج على ما صرف مــن مالها و ليس لديها إثبات لا بالكتابة ولا حتى بالبينة نظرا للمانع الأدبي فتعين حسم الأمور بالاشتراط والكتابة ضمانا للحقوق والالتزامات حال الحياة و بعد الممات و لا مخالفة في ذلك كله لأحكام الشريعة الإسلامية ولا لقواعد العدالة ، لكن المشروع التمهيدي في تعديل المادة 19 لم يخصص ذكر الشروط السالفة و ترك تقديرها للأطراف ، و هذا اتجاه منتقد ، لأنه إذا ترك الأمر على إطلاقه سيختلف تقدير ضباط الحالة المدنية و ربما حتى السادة قضاة الأحوال الشخصية و الموثقين ، فإنه ما لم ينص القانون في المادة 19 المعدلة على الشروط السالفة على سبيل المثال لا الحصر ، فقد يحدث أن تشترط زوجة على زوجها مثلا :أن لا يتزوج علي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://droit-oran.forumalgerie.net
Admin
المدير
المدير
Admin


عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 16/12/2010

 قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر     قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Emptyالأربعاء يونيو 01, 2011 4:06 pm

المادة 52 : إذا تبيّن للقاضي تعسف الزوج في الطلاق حكم للمطلقة بالتعويض
عن الضرر اللاحق بها.
يجب على الزوج أن يوفر سكنا ملائما للحاضنة ، و إن تعذر ذلك
فعليه أجرته.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب المرفقة بهذه المادة بأنها تلزم الزوج بأن يوفر للمطلقة الحاضنة مع أولادها سكنا ملائما ، و إن تعذر ذلك عليه فعليه أجرته، و الهدف من ذلك هو حماية مصلحة الأطفال بعد الطلاق، قصد التوفير لهم مستوى معيشي مقبول.

التعليق:
كانت تنص المادة : 52 من قانون :84 – 11 المتضمن قانون الأسرة الجزائري على ما يلي؛ " إذا تبٌين للقاضي تعسف الزوج في الطلاق حكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها.)
و هنا وجب التنبيه إلى أن التعويض عن الطلاق التعسفي ليس أمرا استحدثه المشرع الجزائري ، أو حكما مدنيا مقتبسا عن حكم المادة: 124 من القانون المدني الجزائري الصادر بالأمر 75 – 58 ، بل هو موجود في الشريعة الإسلامية و تاريخ القضاء الإسلامي ، و يحكم به قضاءنا في الجزائر مع بعض الخلل في التطبيق ، مرجعه إغفال الاجتهاد القضائي للأحكام الأساسية لضوابط الاعتبار الشرعي ، و حكم التقليد والتلفيق أي تقليد مذهب فقهي معـين و الالتزام بأحكامه بتطبيق المشهور في المذهب و يسمى التقليــد أو الأخذ من مختلف المذاهب باعتماد الأقوى دليلا في الأصل ، و الأيسر حكما في الاحتياط و يسمى هذا النوع بالتلفيق عند علماء الأصول.
وباختصار المشكل يكمن في اختلاف المصطلحات الشرعية عن المصطلحات الوضعية ، و يشهد على وجود هذا في تاريخ الإسلام ، ما ذكرته أمهات كتب الشريعة الإسلامية ، قال صاحب : مختصر منهاج القاصدين الإمام ابن قدامة المقدسي في آداب المعاشرة من كتاب النكاح؛ " مما يتعلق بالزواج الطلاق ، و هو أبغض المباحات إلى الله عز وجل ، فيكره للرجل أن يفاجئ به المرأة من غير ذنب ، و لا يجوز للمرأة أن تلجئه إلى طلاقها ، فإذا أراد الطلاق فليراع فيه أربعة أشياء . . . – ذكر في الثالثة - . . أن يتلطف في الأمر في الطلاق بإعطائها ما تتمتع به لينجــبر الفاجع، فقد روي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه طلق امرأة و بعث إليها بعشرة آلاف درهم ، فقالت : متاع قليل من حبيب مفارق . .) " و هذا مبلغ ضخم حينذاك ، إذ الدرهم كان في حساب العملات يومئذ من معدن الفضة ، و اعتباره قليل ، يدل على أن لا حٌد لأكثره في الغالب .
والمراد بالمتعة لغة والمتاع في الأصل: كل شئ يُنتــــفع به و يُتبلَّــغُ به و يُتزوَّد و الفناء يأتي عليه في الدنيا ومتعة المرأة ما وُصلت به بعد الطلاق،وقد متعها و المتعة التي ليست بواجبة و هي مستحبة من جهة الإحسان و المحافظة على العهد ، كما جاء في لسان العرب لابن منظور.
و قيل في تعريفها أيضا أنها: هدية يقدمها الزوج لزوجته التي طلقها طلاقا بائنا كما ذكر الأستاذ قلعة جي في الموسوعة الفقهية الميسرة.

و المراد بالمتعة شرعا ما تمتع به الزوجة و تعطاه تعـويضا عن الفرقة بينها و بين زوجها من الثياب التي تلبسها المرأة للخروج عادة أو ما يعادلها من مال أو أي عوض، ولذا قال الفقهاء المتعة الثياب التي تكسى بها المرأة عند الخروج حسب العرف و قد تكون المتعة بقيمة ذلك أو ما يعادلها ، كما قال الأستاذ أحمد فتحي بهنسي في كتابه الشهير الموسوم بـ : ( نفقة المتعة).
و دليل مشروعيتها من القرآن الكريم قوله تعالى:
( لا جُناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسـوهـــن أو تفرضوا لهن فريضة و متعوهن على الموسع قدره و على المقتر قدره متاعا بالمعــــروف حقا على المحسنين ، و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح.) من سورة البقرة الآية 236.
و كذا قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن و سرحوهن سراحا جميلا.) من سورة الأحزاب الآية 49.
و قال تعالى: ( و للمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين.) البقرة 241.

ودليل مشروعيتها من السنة المطهرة :
حديث يحي عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأة له فمتعها بوليدة أي منحها آمة تسمى وليدة قيمتها ثمانون دينارا ذهبيا على سبيل المتعة ، كما ورد في الحديث 1243 من موطأ الإمام مالك.
وحـديث مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول :لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق و قد فرض لها صداق و لم تمسس فحسبها نصف ما فُرض لها وهو ما أورده الإمام مالك في الحديث 1244 من الموطأ.
وكذلك حديث مالك عن ابن شهاب أنه قال لكل مطلقة متعة قال مالك و بلغني عن القاسم بن محمد مثل ذلك قال مالك ليس للمتعة عندنا حد معروف في قليلها و لا كثيرها ( الحديث 1245 من الموطأ) .
و مما سبق كان حكم المتعة الأرجح هو: الوجوب لأن صيغة الأمر القرآني (فمتعوهن) تقتضي الوجوب حتى يقوم الدليل على الندب ، و الأحاديث الصحيحة جاءت مؤكدة للوجوب، و هو ما ذهـــــــــب إليه الأحناف كما فصله الإمام السرخسي في كتابه المبسوط ونقله الأحناف عن عبد الله بن عمر و الإمام علي بن أبي طالب من الصــــــحــــــــــابة وسعيد بن جبير و أبو قـــــــلابة و الزهري و قتادة و الضحاك من التابعين، أما الشافعية فعندهم المتعة واجبة لكل مطلقة إذا كان الفراق من طرف الزوج .
وهذا ما أخذ به الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا الجزائرية في عدة قرارات إذ قررت المحكمة العليا أن المتعة هي تعــويض للزوجة التي يختار زوجها فراقها ، و ليس للزوجة التي تختـــــــار فراق زوجها كما ورد في القرار رقم:35912
المؤرخ في 08/04/1985 المنشور بالمجلة القضائية العدد01 لسنة 1989 بالصفحة 89 ، و بالــتالي كانت لا تستحق الزوجة المتعة في جميع قضايا فك الرابطة الزوجية و كانت تستحق فقط حال الطلاق التعسفي دون حالات التطليق.
خلافا للاجتهاد القضائي المصري لمحكمة النقض المصرية التي قضت في قرار مبدئي لها بأن : ( المتعة ؛ استحقاق المطلقة لها سواء كان الطلاق من الزوج أو من القاضي نيابة عنه.) كما ورد بقرار الطعن رقم:40 لسنة 54 قضائية ( أحوال شخصية) الصادر بتاريخ: 26/05/1987 ، كما نص قانون الأحوال الشخصية المصري على استحقاقها و مقدارها في المادة:18 مكرر من القانون 100 لسنة 1985 المتمم و المعدل بالقانون 01 لسنة 2000 المتضمن قانون الأحوال الشخصية المصري و التي تنص على ما يلي: ( من حق الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها بدون رضاها و لا سبب من قبلها في الحصول فوق نفقة عدتها على متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل مع مراعاة حال المطلق يسرا أو عســــرا و ظروف الطلاق و مدة الزوجية ، مع جواز سداد هذه المتعة على أقساط.) وللحق نقول أن النص المصري أدق و أجدر بالإفادة منه بدل الفراغ الموجود في التشريع الجزائري.
و في تسبيب أصل هذا التشريع ورد في تقرير اللجنة المشتركة المتكونة من لجنة الشؤون الدستورية و التشريعية المصرية و مكتب لجنة الشــــــؤون الدينية و الاجتماعية و الأوقاف المؤرخ في:11/06/1985 ما يلي:
(الأصل في تشريع المتعة هو جبر خاطر المطلقة لأن مواساتها من الـمروءة التي تتطلبها الشريعة الإسلامية و أســــــــــــــاس ذلك قوله تعالى: ( و متعوهن على الموسع قدره و على المقتر قدره.) و قد أقر مذهب الشافعية المتعة للمطلقة إذا لم تكـــــــــــن الفرقة منها أو بسببها و هو قول أحمد بن حنبل و ابن تيمية و أهل الظاهر و أحد أقوال الإمام مالك كما أن رأي المذاهب الأخرى المختلفة في المتعة أنها مستحبة للمطلقة بعد الدخول و إن كان لا يقضى بها و الأخذ بتقرير المتعة يتفق فضلا عن سنده الشرعي و الفقهي مع الأصل الاجتماعي في التكافل الاجتماعي.
أما عنــــــد الإمام مالك وأصحابه و القاضي أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي قاضي الكوفة الذي ولي القضاء من طرف عمر بن الخطاب فظل قاضيا على عهد الخلفاء الأربعة و عاش إلى زمن الحجاج بن يوسف الثقفي وتوفي وعمره 107 سنين ، فالمتعة عنده و عند المالكية منـدوب إليها مستحبة و لا وجوب فيها ، فهي مندوب إليها لكل زوجة مطلقة قبل الدخول و بعـــــده لأن الله عز وجل وصفها في كتابـــــه العزيز بأنها: ( حقا على المحسنين.)البقرة 236 أي على المتفضلين المتجملين و ما كان من باب الإجــــــــــــمال و الإحسان ليس بواجب على رأي الدكتور بهنسي و هو ما تأكد عند ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد ( المجلد 02 الصفحة 163) ، إلا الزوجة غير المدخول بها و المسمى لها مهرا فيكفيهـــــــا نصف ما فرض لها من الصداق و ليــس لها المتعة ، و رأي الجمهور الإمام محمد بن إدريس الشافعي و الإمام أحمد بن حنبل و الإمام أبي حنيفـــــة النعمان على ما رأى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم: عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر و جابر بن زيد بأن المتعة واجبة للمطلقة قبــل الدخول وتسمية المهر و مندوبة في حق غيرها، و بالتالي فعند الجمهور المتعة ليســـــــــت واجبة في كل مطلقة و قال قوم من أهل الظاهر هي واجبة في كل مطلقة، و عند ابن حزم الأندلسي فقيه الظاهرية: المتعة فرض على كل مطلق واحدة أو اثنين أو ثلاثا أو آخر ثلاث وطئها أو لم يطأها ، فرض لـها صداقها أو لم يفرض لها شيئا أن يمتعها و يجبره الحاكم على ذلك أحب أم كره .
ولا متعة على من انفسخ نكاحه منها بغير طلاق ، و لا يسقط التمتع عن المطلق مراجعته إياها في العدة و لا موته و لا موتها و المتعة لها أو لورثتها من رأس ماله يضرب بها مع الغرماء كما جاء في المحلى بالآثار لابن حزم بتحقيق الدكتور عبد الغفار سليمان البنداري ( الجزء 10 ص 03) .
و من تم أهل الظاهر حملوا الأمر على عمومه فكان رأي الجمهور أن المختلعة لا متعة لها لكونها معطية من يدها ،كالحال في التي طلقت قبل الدخول و بعد فرض الصداق ، في حين أن الظاهرية يقولون: هو شرع فتأخذ و تعطي ( بداية المجتهد لابن رشد القرطبي الجزء 02 ص 163) ، و تقدير المتعة لا حد لأكثره و لا لأقله عند مالك كما في المدونة و الموطأ ، و عند الجمهور العبرة بحال الزوج يسرا و عسرا ، و يشترط أن لا تزيد المتعة على مقدار نصف مهر المثل لأنها قائمة مقامه و لا تنقص عن خمسة دراهم لأنه أقل نصف المهر شرعا كما قاله الشيخ عبد الوهاب خلاف في مدونته: ( أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية) بالصفحة 89 ، و بالتالي يبقى تقديرها للحاكم أو للقاضي تبعا لملابسات كل قضية و حال طرفيها ، فيمكن تقديرها بحال الزوجة طالما أنها تقوم مقام نصف مهر المثل و المهر يقدر بحال الزوجة لا بحال الزوج ، كما يمكن أن تقدر بحال الزوج وحده ، لأنه المكلف بالإنفاق، و البذل لا يكون إلا مع القدرة إذ قال الله تعالى: ( ليُنفق ذو سعة من سعته و من قُدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها.)من سورة الطلاق الآية 07 .
غـير أن قانون الأسرة الجزائري لم يذكر معيارا لتقدير التعويض و لا النفقات ما عدا مـا ورد بالمادة 79 من قانون الأسرة رقم:84-11 و التي نصت على أنـه : ( يراعي القاضي في تقدير النفقة حال الطرفين و ظروف المعاش و لا يراجع تقديره قبل مضي سنة من الحكم.) ، و رغم خصوصية النص في النفقة فالمعيار عام في التقدير.
مع ملاحظة أن المشرع الجزائري لم ينص على المتعة إطلاقا في قانون الأسرة رقم:84-11 إذ ورد في نص المادة:52 أنه: ( إذا تبين للقاضي تعسف الزوج في الطلاق حكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها ……)، وفي إطار تطبيق هذه المادة تعارض الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا بين قرارات جعلت التعويض و المتعة اسمين لشيء واحـــد فلا يقضى بمبلغ يسمى تعويضا و بمبلغ آخر يسمى متعة كما ورد في قرار المحكمة العليا رقم: 35912 المؤرخ في 08/04/1985 سالف الإشـارة،
و قرارات أخرى جعلت من حقوق المطلقة التعويض و المتعة كاستحقاقين مختلفين نتيجة الطلاق التعسفي لمن أراد زوجها فراقها تغليبا لرأي الشافعية الذي سبق ذكره أعلاه كما ورد بقرار المحكمة العليا رقم: 41560 الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية بتاريخ: 07/04/1986 و المنشور بالمجلة القضائية العدد 02 لسنة 1989 بالصفحة 69 ، كما قررت المـــــــــــــحكمة العليا أن المتعة تمنح للزوجة مقابل الضرر الناتج بـها من طلاق غير مبرر و يسقط بتحميلها جزء من المسؤولية و هو ما ورد في قرار المحكمة العليا رقم 39731 المؤرخ في 27/01/1986 المنشور بالمجلة القضائية لسنة 1993 العدد 04 الصفحة 61 ، بينما المتعة مندوب إليها في جميع أحوال الطلاق عند المالكية كما سبق بيانه و واجبة عند جمهور الفقهاء.
و خلافا لتناقــــــضات المحكمة العـــــــــليا بين القول أن المتعـــة و التعويض شيء واحد و القول أن التعويض يختلف عن المتعة ، فإن الصحيح هو أن المتعة تختلف عن التعويض ، ذلك بأن المتعة تستحق للزوجة شرعا دائما حسب وسع الزوج وأساس استحقاقها الشرع من الكتاب و السنة و إجماع الأمة مع الاختلاف بين القول بوجوبها و الندب إليها ، أما التعويض فمصدره القانون لا الشـرع على أساس نظرية التعسف في استعمال الحق التي قنن المشرع الجزائري أحكامها في المادة:41 من الأمـر رقم:75-58 المؤرخ في:26/09/1975 المتضمـن القانون المدني المتمم و المعدل ، و الــمواد 52 /1 و 55 من قانون الأسرة رقم:84-11 ، و بسبب تعارض الاجتهاد القضائي للمحـــــــــكمة العليا بين قرارات تقرر بأن المتعة و التعويض شئ واحد و قرارات تفرق بينهما ، اقترحنا في لجنة مراجعة قانون الأسرة التفريق بين التعويض و المتعة رفعا للبس بالقول بأنه إذا تبين للقاضي تعسف الزوج في الطلاق ، حكم للمطلقة بالتعويض عن مختلف الأضرار اللاحقة بها ، فضلا عن حقها في المتعة على أن يراعى وسع الزوج و لا يخفى أن هذا المعيار يفرق بين المتعة و التعويض و لا يجعلهما اسمين لشيء واحد قطعا لتعارض الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا بالنص الحاسم ، غير أنه ورد في نص المادة 52 المعدلة من مشروع تعديل قانون الأسرة النص على التعويض فقط دون النص على المتعة بحيث لا يُفهم من سياق النص هل المتعة هي التعويض أم أنهما شيئين مختلفين ؟! و طالما كان النص بالشكل الذي هو عليه يبقى الاجتهاد القضائي محل تعارض مستمر بدون استقرار على رأي ثابت ، و من تم نوصي الهيئة التشريعية الموقرة بأن تناقش هذه المادة بشكل كافي حسما للخلاف وغلقا لباب تناقض الاجتهاد القضائي الذي يظل المتضرر منه المتقاضي.

و إلى هنا نتعرض إلى الفقرة 02 من المادة 52 من المشروع التمهيدي لتعديل قانون الأسرة و التي أسالت حبرا كثيرا و انتقدها بعض الناس الذين يرون المسائل بالنظارات المكبرة التي ترى الأشياء الصغيرة كبيرة و الأشياء الكبيرة لا تراها.

و إلى هنا نتعرض إلى الفقرة 02 من المادة 52 من المشروع التمهيدي لتعديل قانون الأسرة و التي أسالت حبرا كثيرا و انتقدها بعض الناس الذين يرون المسائل بالنظارات المكبرة التي ترى الأشياء الصغيرة كبيرة و الأشياء الكبيرة للأسف لا تراها.

نص الفقرة 02 من المادة 52 المعدّلة:
01:……………………………..( الفقرة الأولى سبق شرحها تفصيلا فلا نكررها)
02: يجب على الزوج أن يوفر سكنا ملائما للحاضنة و إن تعذر ذلك فعليه أجرته.

عرض الأسباب : جاء في عرض الأسباب المرفقة بالمادة 52 المعدلة بأن هذه المادة تلزم الزوج بأن يوفر للمطلقة الحاضنة مع أولادها سكنا ملائما ، و إن تعذر فعليه دفع أجرته ، و الهدف من ذلك هو حماية مصلحة الأطفال بعد الطلاق ، قصد التوفير لهم مستوى معيشي مقبول.

التعليق: ما يمكن للدارس ملاحظته في قانون الأسرة الجزائري رقم:84-11 الساري المفعول الذي أراد البعض بحسن نية أو بسوئها تنزيهه عن النقص و كأنه نص مقدس رغم أنه اجتهاد بشر قننوه فكان فيه الصواب كما كان فيه الخطأ ، ففي مسألة حق السكنى يلاحظ كل ذي بصيرة وبصر التعارض الكبير الذي كان موجودا بـين الإطلاق و التقييد في المادتين 52 و 72 من القانون 84-11، إذ نجد المادة 52 قبل التعديل كانت تنص على ما يلي: ( إذا تبين للقاضي تعسف الزوج في الطلاق حكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها.
و إذا كانت حاضنة و لم يكن لها ولي يقبل إيوائها ، يضمن حقها في السكن مع محضونيها حسب وسع الزوج .
و يستثنى من القرار بالسكن ، مسكن الزوجية إذا كان وحيدا.
تفقد المطلقة حقها في السكن في حالة زواجها أو ثبوت انحرافها) ، و من تم فإن استحقاق حق السكنى لممارسة الحضانة كان معلقا على شروط واقفة هي:
가- عدم وجود ولي للزوجة يقبل إيوائها: رغم أن التزام الولي هو التزام طبيعي في الأساس بعد زواج ابنته و ليس التزاما قانونيا لأن نفقة البنت على أبيها تجب عليه إلى حين دخول زوجها بها لا بعده.
나- و أن يكون للحاضنة محضونين بــصيغة الجمع تبعا لنص القانـون، و أقل الجمع في لسان العرب ثلاثة إذا اعتمدنا النص العربي للقانون و أقل الجمع اثنين إذا اعتمدنا النص الفرنسي للمادة القانونية لأن الفرنسية ليس فيها المثنى، وكان النص على أنه تفقد المطلقة حقها في السكن في حالة زواجها أو ثبوت انحرافها ، بينما السكن ليس حقا للمطلقة بل هو حق للمحضون ، و الشرط المسقط للحق في السكن ما كان ينبغي ربطه في النص القديم بالمطلقة دون غيرها من الحواضن و كأن الانحراف ممنوع في حقها جائز لغيرها من الحاضنات، فكان الأولى أن تكون الصيغة في النص الأول للمادة 52 من القانون 84-11 : تفقد الحاضنة حقها في السكن و ليس ( تفقد المطلقة) ليكون حكم السقوط حال الانحراف شاملا للمطلقة أو لغيرها من الحواضن طالما أن المقصود هو مراعاة مصلحة الطفل قبل كل شيء.
في حين نجد أن المادة 72 من نفس القانون رقم:84-11 تقرر خلافا لنص المادة:52 أن: ( نفقة المحضون و سكناه من ماله إذا كان له مال ، و إلا فعلى والده أن يهيئ له سكنا ، و إن تعذر فعليه أجرته.) ، فجعلت هذه المادة حق السكنى للمحضون و لو كان واحدا بلا اشتراط أن يكون المحضونين ثلاثة و لا أن يكونا اثنين كما سبق في المادة 52 قبل التعديل.
و من تم التعارض و التناقض بين المادتين 52 و 72 من قانون الأسرة رقم:84-11 واضح و فاضح و ربما ُيحمل هذا التعارض على أن المادة 72 بحكم أنها تالية للمادة 52 تتضمن تخصيص عموم المادة 52 و تقييد مطلق حكمها ، مراعاة لمصلحة المحضون ووقوفا عند روح النص و نية المشرع فيه، ذلك أن عموم المادة 52 تجعل أقل الجمع كما سبق في عبارة ( محضونيها) ثلاثة و في الترجمة الفرنسية أقل الجمع ( اثنين ) ، فجاء نص المادة 72 مقررا لحق المحضون في السكنى لممارسة حضانته سواء كان واحدا أو أكثر ، بورود لفــــــظ المحضــــون مفردا و معرّفا بأداة التعريف : الألف و اللام التي تفيد التخصيص و الإطلاق ، لكن بقاء الحال على هذه الشاكلة كان سيبقي الاجتهاد القضائي متضاربا و شكوى الناس و النساء من القانون 84-11 إنما هي شكاوى في الأساس من التطبيقات القضائية لأحكامه ، و للإجتهاد القضائي عذره في التناقض الذي كان سائدا لأن النصوص القانونية نفسها كانت متعارضة على ما سبق بيانه ، فتعين حسم المسألة بتعديل يقطع الشك باليقين و يزيل الغموض بالتوضيح و هذا الذي كان وناقشته لجنة 52 بتفصيل و إمعان.
ومن تم لاستدراك ذلك النقص التشريعي المؤدي غالبا إلى تعارض الاجتهاد القضائي في المسألة جاء مشـروع تعديل قانون الأسرة باقتراح جميع من حضر من أعضاء اللجنة و محاضر الجلسات شاهدة على ذلك للتاريخ: أن يتم جمع شتات المادتين 52 و 72 فيما يتعلق بالسكن في صيغة واحدة ترفع اللبس الواقع و تسد باب التناقض التشريعي المفتوح على مصراعيه فجاءت الفقرة 02 من المادة 52 المعدلة لتنص على أن للـــزوج أن يوفر سكنا ملائما للحاضنة و إن تعذر ذلك فعليه أجرته، و السبب الذي يعرفه أهل القانون و الشريعة الإسلامية و لا ينكره إلا جاحد أو مكابر أن حق المحضون في السكن من مشتملات نفقته شرعا و قانونا ، فأين المشكلة إذن و أين مخالفة الشريعة الإسلامية في كل هذا ؟؟!!.
و بهذا رُفع نهائيا التعارض الذي كان بين نص المادة 52 و المادة 72 من قانون الأسرة رقم:84-11 ، فلم تعد المادة 52 المعدلة من مشروع قانون الأسرة الجديد تشترط عددا للمحضونين و لا عدم وجود ولي يقبل إيواء الحاضنة لأن نفقة المحضون و سكناه تقع شرعا على عاتق أبيه و ليست على عاتق جده لأمه عند أي مذهب من مذاهب الفقه الإسلامي و مدارسه، ومن تم قررت الفقرة 02 من المادة 52 المعدلة حق توفير مسكن ملائم لممارسة الحضانة على الأب ، و هو ما يتوافق مع المادة 72 من نفس القانون و يلغي التعارض الذي كان قبل التعديل.
ثم إن كون نفقة الإيجار من مشتملات النفقة المنوه عنها بالمادة 78 من قانون الأسرة رقم:84-11 لا يعني أن يكون مبلغ النفقة جامعا شاملا في مبلغ واحد ، بل يمكن تجزئــته بتخصيص جزء للنفقة الغذائية و جزء لبدل الإيجار و كلا الجزأين عبارة عن نفقة دون حاجة إلى الإجمال ، و ليس في هذا إثقال لكاهل الزوج بإضافة أعباء جديدة إليه غير التي تفرضها عليه مسؤولياته اتجاه فلذة كبده ، لأنه لهذه الأسباب أو أنه لبعض هذه الأسباب كان الطلاق أبغض الحلال عند الله فلا ينبغي للأزواج التسرع فيه بسفاهة لأن المتضرر الأكبر هم الأطفال فالأم قد تعيد الزواج و الأب كذلك قد يعيد الزواج و الأولاد هم الضحايا ، لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء ، فلا زوجة الأب تعوض الأم و لا زوج الأم يعوض الأب ، وطالما أن أطفال اليوم هم رجال الغذ و مواطنو هذا البلد وجب تقنين ما يوفر لهم الحماية، فإن كان الزوج معسرا عاجزا فالدولة تدخلت بتقنين صندوق النفقة للمعسرين على ما سيأتي بيانه لاحقا.
و كان اقتراح صندوق النفقة في أصله بمبادرة من السيد رئيس الجمهورية تستحق التنويـه كما كانت كذلك من أهم اقتراحات لجنة 52 المفترى عليها، و سوف نفصل ما يتعلق بالصندوق حين نصل إلى المادة 80 مكرر من المشروع.
المادة 53 : يجوز للزوجة أن تطلب التطليق للأسباب التالية:
01 – عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه ما لم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج مع مراعاة المواد 78 و 79 و 80 من هذا القانون.
02 – العيوب التي تحول دون تحقيق الهدف من الزواج.
03 – الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر.
04 – الحكم على الزوج عن جريمة فيها مساس بشرف الأسرة و تستحيل معها مواصلة العشرة و الحياة الزوجية.
05 – الغيبة بعد مرور سنة بدون عذر و لا نفقة .
06 – مخالفة الأحكام الواردة في المادة 08 أعلاه.
07 – ارتكاب فاحشة مبينة.
08 – الشقاق المستمر بين الزوجين .
09 – مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج.
10 – كل ضرر معتبر شرعا.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب المرفقة بالمشروع أن التعديل المدخل على هذه المادة يهدف إلى توسيع أسباب التطليق بتكريس الممارسة القضائية في هذا المجال، إذ أنه يمكن للمرأة أن تطلب التطليق من أجل الشقاق المستمر مع زوجها الذي يؤدي إلى انعدام الألفة و نفي المودة و الرحمة بين الزوجين.
و أنه يمكن للمرأة أن تطلب التطليق من أجل مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج تطبيقا لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( المسلمون عند شروطهم.)

التعليق:
جديد هذه المادة في الواقع هي الفقرات :04 – 06 – 08 – 09 – 10 أما باقي أسباب التطليق فكانت موجودة في أحكام المادة 53 من القانون 84-11 قبل اقتراح تعديلها.
تجدر الإشارة هنا ، أن التطليق من جهة اللغة لا تختص به الزوجة دون الزوج ؛ فالتطليق و الطلاق كلاهما سواء في المعنى لغة و شرعا ، و القرآن سماه طلاقا و لم ينص على شئ اسمه تطليق .
و لـكـن ؛
قانونا استحدث المشرٌع الجزائري قصر التطليق عندما يكون من جهة الزوجة ، تمييزا له عن الطلاق الإرادي للزوج ، و تمييزا له عن الخلع الذي يكون هو أيضا بطلب من الزوجة ، لكن التطليق يختلف عن الخلع ، من جهة أنه لا يكون إلا تأسيسا على ضرر منصوص عليه قانونا أو ضرر معتبر شرعا طبقا لما نصت عليه الفقرة 6 من المادة؛ 53 من قانون الأسرة الجزائري قبل التعديل و التي أصبحت فقرة: 10 في نفس المادة ، خلافا للخلع الذي لا يكون بسبب أي إضرار من الـزوج للزوجة و لكن لمجرد بغضها له على ما سيأتي تفصيله حينما نتعرض للمادة 54 المعدلة من المشروع.
و بناء على ما تقدم ، نتبيٌن أن حالات التطليق الشرعية في القانون الجزائري محددٌة على سبيل الحصر إذا استثنينا حكم الفقرة 6 من المادة 53 التي أصبحت الفقرة:10، أما إذا أخذنا مضمونها بعين الاعتبار فسوف نجد أن المشرع الجزائري خيرا ما فعل بهذا الإطلاق الذي أورده ، فتضمن بهذا الأسلوب ما لا حصر له من الحالات المتجددة التي قد تقع ، و يكون فيها إضرارا للزوجة يستوجب التفريق.
بخصوص الفقرة : 1 من المادة ؛ 53 أسرة ؛ عدم الإنفاق:
أ – قانونا ؛
ويقصد به إذا لم ينفق الزوج على زوجته ، و أهمل نفقتها ، و نكون بصدد الإهمال إذا تجاوزت المدة الشهرين حسب مفهوم المادة 330 من قانون العقوبات المعدّل بموجب القانون رقم:82-04 المؤرخ في:13/02/1982 ، و صيغته أن ترفع الزوجة دعوى نفقـــة ضد زوجها أمام القسم الاستعجالي لطلب استصدار أمر بنفقة مؤقتة مشمولة بالنفاذ المعجل القانوني أو أمام قسم الأحوال الشخصية بالمحكمة المختصة، و بعد صدور الحكم ضد الزوج بالنفقة ، و بعد أن تقوم بتبليغ الحــكم ، و باكتساب الحكم الصيغة النهائية و قوة الشيء المقضي به لتجاوز آجال الطعن فيه، و حصول المحكوم لها على الصيغة التنفيذية للحكم ، وبعد أن يتم إخطار زوجها عن طريق المحضر القضائي القائم بالتنفيذ بواسطة محضر إلزام بالدفع ، هنا فقط يجوز لها إما متابعة زوجها جزائيا طبقا لأحكام المادة :331 من قانون العقوبات بتهمة الإهمال العائلي بالامتناع عن أداء النفقة المقررة قضاء بعد شهرين من إلزامه بالدفع، و إما رفع دعوى تطليق تأسيسا على أحكام المادة 53 /1 من قانون الأسرة ، و عليه إثبات التخلص من الالتزام بالنفقة بتقديم ما يثبت التسديد.
و يسقط حقها في التطليق إذا كانت عالمة بإعساره وقت الزواج ، و دليل إثبات هذه المسألة عادة هو شروط العقد أو البينة و تخضع للقواعد العامة للإثبات.
ب-شرعا:
المعلوم شرعا أن عبء النفقة يقع على الزوج وجوبا عند جميع المذاهب، إلا عند الظاهرية و كبيرهم العلامة ابن حزم الأندلسي ؛ أين يقع عبء النفقة على الزوجة إذا كانت موسرة و زوجها معسر، لأنها من مستلزمات الحياة المشتركة، عملا بظاهر قوله تعالى:" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف." من سورة النمل الآية 64 ، فعند ابن حزم فقيه الأندلس و عالمها ورائد المدرسة الظاهرية تجب النفقة عـــلى الزوجة لزوجها الفقير و لا ترجع عليه بشيء من ذلك إن أيسر ، و برهان ذلك عنده قول الله تعالى: ( و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها ، لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده و على الوارث مثل ذلك.)من سورة البقرة الآية 233 ، و يقول في كتابه المحلى بالآثار: الزوجة وارثة فعليها نفقة بنص القرآن وأسند هذا الحكم للإمام علي بن أبي طالب من الصحابة رضوان الله عنهم.
و هنا يطرح الإشكال التالي:
إذا أعسر الزوج ، و لم ترض الزوجة المقام معه، هل يقع طلاق بينهما بالإعسار ؟؟

في مذهب الإمامين مالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي والإمام أحمد ابن حنبل ؛
من حق الزوجة طلب التفريق القضائي وفك الرابطة الزوجية ، و يفرق بينهما القاضي ، على التأجيل إلى أجل مسمى كمهلة للزوج ليتدبر أمره و إلا طلقت منه زوجته للإعسار لأنه ضرر لا تجبر الزوجة على قبوله على سبيل التأبيد، و هو ما قضى به صحابة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم علي بن أبي طـــالب و عمر بن الخطاب و أبي هريرة .
و في مذهب الحنفية ؛
لايفرّق بين الزوجين ، لأن الحياة مترددة بين الهناء و الشقاء ، و قالوا ؛ يلزم المرأة الصبر على ما نقله الشيخ شلتوت، و تتفرق نفقتها بذمة زوجهـــا و ترفع يده عنها لتكتسب ، أي تخرج إلى العمل رغم أنفه ، و هو ما قضى به علماء التابعين مثل عطاء و ابن شهاب الزهري شيخ الإمام مالك ، و ابن شبرمه و سفيان الثوري و غيرهم ، ولكل مذهب تأسيس شرعي على اختلاف في قوة الدليل ، فلا إنكار أن المسألة خلافية و الشريعة الإسلامية غنية بفقهائها و علمائها و ثراء حضارتها.









بخصوص الفقرة : 2 من المادة :53 أسرة : العيوب:

I- قانونا ؛
يستلزم الحكم بالتطليق وجود العيوب التي تحــــــــول دون تحقيق الهدف من الزواج. و الهدف من الزواج طبقا لأحكام المادة : 04 من قانون الأسرة هو؛
가- تكوين أسرة أساسها المودة و الرحمة و التعاون:
و العيب الذي يحول دون تحقيق هذا الهدف هو الجنون و الأمراض العقلية، إذا طال أمدها و تعذر علاجها و نفذ صبر الزوجة ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعاها فيحق لها طلب الفُرقة.
나- إحصان الزوجين :
و العيب الذي يحول دون تحقيق هذا الهدف هو الأمراض الجنسية غير القابلة للعلاج كالإيدز،أو التي يتطلب علاجها مدة طويلة تزيد عن سنة واحدة ، إذ لا يلزم الزوجة الصبر على علاج زوجها أزيد من سنة شرعا ، و على هذا استقر قضاء المجلس الأعلى-المحكمة العليا حاليا- و هو اجتهاد مأخوذ عن الفقه المالكي في الشريعة الإسلامية.
다- المحافظة على الأنساب؛
كأن يمتنع الزوج عن إنجاب الأطفال بالعزل ، و يصر على عدم الإنجاب
رغم قدرته على ذلك ، أو يكون عقيما لعيب متعلق به يتعذر علاجه لمدة طويلة تزيد عن سنة.
و في هذا الصدد تجدر الإشارة ، إلى أن ما استقر عليه عمل المحاكم الجزائرية في إثبات العيوب تطبيقا لأحكام الفقرة 2 من المادة 53 من قانون الأسرة ، هو اللجوء إلي الخبرة الطبية أساسا ، و تغليبها على غيرها من الأدلة ، و لا يكفي تقديم شــــهادة طبية ، لأن الشهادات الطبية أصبح لها طابع المجاملة ، و عليه قبل الفصل في الموضوع ، يصدر حكم تمهيدي بتعيين خبرة طبية شرعية ، لإثبات العيوب أولا ، و التأكد ثانيا من استحالة استمرار المعاشرة الزوجية في حال بقاْئها ، ثم إمكانية علاجها و المدة اللازمة لذلك ، بعدها لما تصدر الخبرة ، و تتم إعادة السير في الدعوى ، إما يحكم القاضي بالتطليق للعيوب ، أو بمنح أجل للعلاج أو برفض الدعوى لعدم الــتأسيس ، و يتحمل الطرف خاسر الدعوى كافة المصاريف القضائية ، بما فيها مصاريف الخبرة ، عملا بأحكام المادة : 225 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
ب – شرعا :
و هنا للإحاطة نرجع إلى الثابت بإجماع للأولوية ، قال العلاّمة أبو عبد اللّه محمد بن جُزي الغرناطي في موسوعته ؛" القوانين الفقهية"؛ " العيوب .. أربعة ؛ الجنون ، و الجذام ، و الـــــــــــبرص ، و داء الفرج ، و يختص الرجل من داء الفرج : بالجب و الخصاء و العــــــــنّة ، و الاعتراض ، والمرأة بالقرن ، و الرتـــــق ، و العفل ، و بخر الفرج ، و ليس مـــــــــــنها القرع و لا السواد ، و لا إن وجدها مفتضة من زنى على المشهور، و ليس منها العمى و العور و العــــرج و الزمـانة و لا نحوها من العاهات ، إلا إن اشترط السلامة منها ، فإذا كان في أحد الزوجين أحد هذه العيوب كان للآخر الخيار في البقاء معه أو الفراق بشرط أن يكون موجودا حين عقد النكاح ، فإذا حدث بعده فلا خيار ، إلا أن يبتلى الزوج بعد العقد بجنون أو جذام أو برص، فيّفرق بــينهما للضرر …. " ، تلك كانت العيوب الجنسية المعروفة في ذلك الزمان و هي عيوب طرأ عليها التغيير فمنها ما أصبح يعالج في يومه و منها ما بقي ميؤوس من علاجه و من العيوب التي ظهرت لم تكن معروفة عند فقهائنا القدماء و مجال العيوب طويل و يتطلب تخصيصها بالدراسة بشكل مستفيض لأنها متجددة و خطورتها نسبية متغيرة ، فما كان لا يعالج كالجدام أصبح لا يختلف عن الزكام بسبب تطور الطب و العلاج و ظهرت أمراض أخرى مزمنة و تؤثر على النسل و الإحصان بين الزوجين كمرض السكري و أثره على البرودة الجنسية و تناقله وراثيا للأولاد ، أو كالسيدا و هذه كلها عيوب وجب أن تعلم ليكون للزوجين الخيار من البداية و لا مخالفة في هذا للشرع الحنيف كما ذهب البعض.
فقط ثمة مسألة عرضية تقتضي الوقوف عندها و هي قول الإمام ابن جزي الغرناطي بأنه ليس من العيوب الموجبة للخيار إن وجد الزوج زوجته مفتضة من زنا، فذلك لأن طلاق الزوج لزوجته إذا وجدها مفتضة البكارة من زنى حين الدخول بها ، يعتبر طلاق تعسفيا موجبا للتعويض بالمتعة و ليس عيبا من عيوب الخيار إلا إذا اشترط الزوج عذريتها في العقد و سلامتها من الافتضاض ، و هذا ثابت شرعا بإجماع أغلب علماء المذهب و هو ما تدل عليه عبارة :" على المشهور " التي قالها ابن جزي الغرناطي في كتابه ( القوانين الفقهية) إذ يراد بها وجود رأي مخالف في المذهب و لا يلتفت إليه ، فالبكارة تعد عيبا موجبا للخيار في حالة اشتراطها صراحة حين العقد فقط و هو ما استقر عليه الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا في الجزائر في قرارها المبدئي الشهير رقم : 33715 الصادر بتاريخ 25 جوان 1984 المنشور بالمجلة القضائية العدد 04 × 1989 الصفحات من 99 إلى 103 .
و عــــلى الجملة الأمراض لا يمكن حصرها ، فقد تتجدد في كل عصر ومصر ، و خطورتها لا تقع في دائرة السلطة التقديرية للقاضي ، و لكن هي من اختصاص الأطباء ، و الخبرة الطبية هي دليل الإثبات الأقوى في هذا الإطار ، على أن ثمة عيوب تـبقى ثابتة و مستهجنة دائما هي التي سبق ذكرها، و الأمراض الجديدة تختلف و تتعدد من حيث خطورتها و جسامتها ، فلا نظن أنه سيختلف فقيهين في أن مرض مثل فقدان المناعة أو السيدا أو الأيدز و كلها أسماء متشابهة لنفس المرض لا يشكل عيبا موجبا للخيار، فهو موجب للخيار يقينا رغم أنه لم يكن معروفا عند السلف و لا قال به الفقهاء من قبل ، و طالما كان الفقه الإسلامي متجدد بطبعه ، فلا اعتراض على إضافة عيوب جديدة موجبة للخيار لم يكن يعرفها الأولون.
و من أجل تفادي كثرة وقوع الطلاق للعيوب ، التي عادة ما تكون مفاجئة لكلا الزوجين بعد الزواج ، اشترط المشروّع إجراءا خاصا حين العقد ؛ هو تقديم شهادة طبية لكلا الزوجين تثبت السلامة من العيوب الموجبة للخيار ، ليكون الطرف الثاني على علم بصاحبه ما دام في بر الأمان ، قبل التضرر و فوات الأوان و هو ما ورد بالمادة 07 مكرر من المشروع التي سبق شرحها في بداية هذه الحلقات.

بخصوص الفقرة ؛ 3 من المادة ؛ 53 أسرة ؛ الهجر:
أ – قانونا ؛
هجر الزوج لزوجته في المضجع فوق أربعة أشهر يؤسس حقها في طلب التطلــــيق ، و لا يقبل الطلب إذا كان الهجر دون أربعة أشهر ، لاحتمال أن يكون ذلك من الزوج في مواجهة زوجته على سبيل التأديب ، غير أن إثبات الهجر في المضجع صعب جدا لمن يدعيه لكنه ليس بالمستحيل ، فيجوز أن يثبت بالتحكيم فيكون المحكمين من أهل الزوجين شهود إثبات على منشأ الخلاف ، كما يجوز إثباته حال هجر الزوج للبيت أو طرد الزوجة إلى بيت أهلها بتوجيه محضر إنذار بالرجوع غير مطلوب الرد عليه وفقا لأحكام المواد:172 مـــــن قانون الإجراءات المدنيــــــــــــة و المواد 05 و 11 من قانون تنظيم مهنة المحضر القضائي رقم:91-03 ، و إذا بقي المحضر مدة 04 أشهر بدون وقوع ما يثبت التراجع يكون حجة لمن ادعى به في إثبات الهجر في المضجع ، فضلا عن الإثباتات الطبية إن وجدت.
ب – شرعا ؛
من حق الزوجة أن لا يهجرها زوجها في المضجع دون أربعة أشهر للتأديب إلا في بيتها و لا يخرج منه و إذا خرج من البيت و لو دون 04 أشهر يكون سببا موجبا للتطليق إذا كانت المدة شهرين أو يزيد لأن هذا الهجر يشكل جنحة ترك الأسرة وفقا للمادة 330 من قانون العقوبات الجزائري و يقع إثباتها بحكم جزائي ، لأن حفظ سمعة الزوجة من الألسن يقتضي أن لا يهجرها زوجها إلا في بيتها ، و الأدلة هنا كثيرة جدا نكتفي بذكر دليل واحد منها :
سأل رجل النبي صلي الله عليه و سلم ؛ ما حق المرأة على زوجها ؟ قال ؛ " تطعمها إذا طعمت ، و تكسوها إذا اكتسيت ، و لا تضرب الوجه ، و لا تقبّح ، و لا تهجر إلا فــــــي البيت." حديث صحيح أخرجه النسائي و أبو داود و إبن ماجة و صحـــحه الحاكم ، و وافقه الذهبي ، و قال مثله الطبراني و أخرجه في الكبير ، و نحوه في مسند الإمام أحمد ابن حنبل .
قال البغوي في شرح السنة – الجزء 9 ص 160 – قال أبو سليمان الخطابي ، قوله : (لا تقبّح ) معناه لا يسمعها المكروه و لا يشتمها بأن يقول : قبحك الله و ما أشبهه من الكلام ، و قوله ( لا تهجر إلا في البيت .) أي لا يهجرها إلا في المضجع ، و لا يتحول عنها أو يحولها إلى دار أخرى .( حكاه أبو هاجر زغلول في تحقيق عشرة النساء للنسائي).
و لعل أبرز صوّر الهجر في المضجع في الشريعة الإسلامية ما يعرّف حسب تسمية القرآن الكريم بـ: (الإيلاء ) و تعريفه حسب ما ذكره الشيخ أبو بكر جابر الجزائري في منهاج المسلم؛" الإيلاء هو حلف الرجل بالله تعالى أن لا يطأ زوجته مدة تزيد على أربعة أشهر " و ثمة من يرى بأن المقصود لمدة لا تزيد على أربعة أشهر ، و لعل العبارة الواردة في منهاج المسلم كانت من وقع السهو عند الشيخ أبي بكر جابر الجزائري و الدليل على هذا قول الله تعالى ؛" للذين يألون من نسائهم تربص أربعة أشهر ، فإن فاءوا فإن اللّه غفور رحيم ، و إن عزموا الطلاق فإن اللّه سميع عليم." من سورة البقرة الآية 226 و الإيلاء لا يكون إلا للتأديب ، و لا يجوز استعماله للإضرار بالزوجة ، و الملاحظ أن مدة الأربعة أشهر نص عليها القرآن ، و تجاوزها يقتضي إما عودة الحياة الزوجية وجوبا و إما التفريق للضرر، أو للهجر فوق أربعة أشهر كما سماه قانون الأسرة الجزائري ، و رغم أن الأمر فيه حلف فيمكن للزوج أن يصــــــــــــلح مــا بينـــــه و بين زوجته قبل مضي الأربعة أشهر ، وعليه كفّارة اليمين و السند الشرعي في هذا ما ثبت في الصحاح عن النبي صلى اللّه عليه و سلم ، أنه قال؛" إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها ، فأت الذي هو خير و كفر عن يمينك.".


بخصوص الفقرة ؛ 4 من المادة ؛ 53 أسرة ؛ إدانة الزوج جزائيا:
ا- قانونا ؛
تم تعديل المادة 53 بحذف العقوبة الشائنة في أســـباب التطليق و تعويضها بالجريمة الشائنة إشارة إلى جرائم الأخلاق والأموال التي تتميز بأنها شائنة أكثر من غيرها رغم أن كل الجرائم شائنة لكن ليست كلها تؤدي إلى استحالة استمرار الحياة الزوجية كجريمة انعدام شهادة التأمين أو المشاجرة أو الجروح الخطأ و نحوها فهذه جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات لكنها ليست شائنة و لا مؤثرة على استمرار الحياة الزوجية.
ومن تم لا يشترط الحكم بحبس الزوج بل تكفي الإدانة النهائية لجعل من حق الزوجة طلب التطليق من زوجها .
II- شرعا ؛
في مذهب إمام المدينة المنّورة و عالمها مالك بن أنس ، يأخذ السجين حكم الغائب ، دون تطرق إلى نوع الجريمة ، فمن المالكية من يطلّق على السجين زوجته ، برغم أنه معذور، ووجه عذره أنه لم يقصد الإضرار بزوجته ، فهو أسير رغما عنه ، إنما يقع التفريق لحصول الضرر للزوجة ، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال : "لا ضرر و لا ضرار" و في مدة الحبس اختلف المختلفون فقالوا في المســألة قولان، ‘الأول : سنة واحدة ،و الثاني:ثلاثة أعوام ، و الثاني أقوى ،و به أخذ قانون الأحـوال الشخصية المصري رقم؛ 25 لسنة 1920 في مادته ؛14 حيث نص على أنه :" لزوجة المحبوس المحكوم عليه نهائيا بعقوبة مقيدة للحرية ثلاث سنين فأكثر أن تطلب إلى القاضي بعد مضي سنة من حبسه ،التطليق عليه بائنا للضرر، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه."، و هو حكم أدق مما أورده المشرع الجزائري بنصه على سنة واحدة قد تخفض بالعفو ، و بالتالي التشريع الجزائري كان به قصور في هذه المسألة فجاء تعديل المادة 53 بعدم اعتبار مدة الحبس و إنما آخذا بعين الاعتبار الإدانة في حد ذاتها و استحالة مواصلة الحياة الزوجية تاركا تقدير ذلك لقضاة الموضوع.
حكم الفقرة : 5 من المادة ؛53 أسرة ؛ الغياب:
أ – قانونا ؛
يحق للزوجة قانونا طلب التفريق قضائيا بثلاث شروط مقترنة بالغياب؛
1 – بعد مضي سنة كاملة .
2 – بدون عذر .
3 – و بـلا نفقة .
وتحتسب السنة من يوم غيابه إلي يوم رفــــع الدعوى ، فإن كان لعذر مقبول شرعا و قانونا كأداء الخدمة العسكرية لم يقبل طلب التطليق، و كذلك إن ترك الزوج لزوجته نفقة ، فإن تعسف في الغياب طالبت بالتطليق للضرر و ليس للغيبة.
و تجدر الإشارة في هذا المقام ، إلى أن أحكام قانون الأسرة في حالة الغائب فيها تناقض معيب ، ينتج عنه أحكام قضائية خاطئة ، و إضرار بعائلات و ضياع حقوق .
هـــــــذا التناقض يكمن في أحكام الفقـــــــــــــــرة:05 من المادة :53 من قانون الأسرة ، والمادتين: 110 –112 من نفس القانون ، إذ تنص الفقرة : 5 من المادة : 53 على حالة :" الغيبة بعد مرور سنة بدون عذر و لا نفقة ." بمعنى إذا كان الغياب بعذر لا يقبل طلب التطليق ، و إلى هنا لسنا أمام أي إشكال .
و مـــن جهة أخرى تنص المادة:110 من قـانون الأسرة على أن :" الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شـــؤونه بنفسه ، أو بواسطة ، مدة سنة و تسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر كالمفقود."
أمـــا المادة : 112 من قانون الأسرة فقد نصت– و هنا يكمن الإشكال– على أنه ؛ " ( لزوجة المفقود أو الغائب أن تطلب الطلاق بناء على الفقرة الخامسة من المادة 53 من هذا القانون )، و هذا تناقض صريح ، ذلك بأن الظروف القاهرة هي عذر معتبر قانونا ، و المادة 53 في فقرتها 5 تقتضي : عدم الحكم بالتطليق إذا كان الغياب لعذر ، و المادة 112 من قانون الأسـرة تجيز الحكم بالطلاق ضد الغائب رغم وجود العذر ، و هو: الظروف القاهرة طبقا لنص المادة :110 من نفس القانون و هذا تــــناقض و تضارب مؤداه تناقض الاجتهاد القضائي حين تطبيق النص على النوازل حال التنازع القضائي.
و على هذا الأساس:
فإن أغلب أحكام قانون الأسرة رقم :84 –11 لا تزال تقتضي المراجعــــة و التعديل و لجنة مراجعة قانون الأسرة لم تصل بعد إلى أحكام المـواد 110 ولا 112 و ما أكثر المواد التي يقتضي الحال تعديلها في قانون الأسرة رقم 84-11 لما تضمنته من عيوب وسوء نقل لجانب الشريعة الإسلامية طالما أن الشريعة هي مصدر تشريع أحكام الأسرة في الجزائر ، مع ضرورة مراعاة الثابت و المتغير عرفا لأن القاعدة القانونية من أهم خصائصها أنها اجتماعية.
ب – شـرعا ؛
و الكلام هنا عن التفريق إذا كان الزوج الغائب موسرا ، خلافا للمعسر فهو ذو حكم خاص ، و التفريق للغياب مسألة خلافية ، فقضاء الإمامين :أبي حنيفة و محمد بن إدريس الشافعي أنه لا يقع الحكم بالطلاق على الزوج لغيابه ، طالت الغيبة أو جُهلت، و عند الإمام مالك يطلّق على الغائب إن طالت غيبته ، على اختلاف في المدة بين عام إلى ثلاثة سنين على ما فصله الإمام عبد الرحمن الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة الذي وافته المنية رحمه الله قبل أن يتمه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://droit-oran.forumalgerie.net
Admin
المدير
المدير
Admin


عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 16/12/2010

 قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر     قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Emptyالأربعاء يونيو 01, 2011 4:08 pm

بخصوص الفقرة 06 من المادة 53 من قانون الأسرة المتعلقة بمخالفة أحكام المادة 08 أعلاه:
و هنا تجدر الإشارة إلى أن مخالفة أحكام المادة :8 من قانون الأسرة هي من المسائل الخلافية فمن الدارسين من يرى أنها سبب موجب للتطليق و منهم من يرى أنها لا تعد ضررا معتبرا في الشريعة الإسلامية ، بمعنى أن تزوج الرجل على زوجته دون علمها ورضاها لا يؤسس طلبها للتفريق مطلقا، إلا أن يكون ذلك على سبيل جعل الضرر المحتمل معتبر قانونا .
لأن ظاهر نص المادة 08 و 53/6 من قانون الأسرة فيه تقييد لظاهرة تعدد الزوجات رغم أن التعدد جائز شرعا و لكن لا مانع أن يقيّد بضوابط شرعية و قانونية لأن التعدد كالزواج يحتمل الأحكام الخمسة فكما يكون جائزا يكون ممنوعا شرعا على ما فصله فقهاء الأمة على مدار 14 قرنا.
ويرى بعض الدارسين أنه يجوز للزوجة طلب الطلاق حال تزوج زوجها عليها في ثلاث حالات لا رابع لها و هي؛
1-عدم الإنفاق.
2-عدم العدل بين الزوجات-و المراد به العدل المادي دون القلبي-
3-إشتراطها في العقد عدم التزوج عليها، وتبقى المسألة في الأصل أن الزواج الثاني ليس إضرارا، و لقد أعلن الأزهر الشريف أنه يرفض التسليم بحق الزوجة في الطلاق إذا تزوج زوجها، و أن الزواج الثاني ليس إضرارا، فيما نشر عنه في جريدة(المسلمون) الدولية في عددها الصادر بتاريخ: 03/06/1985 بالصفحة 10 في طبعة لندن عبر الأقمار الصناعية.
ومن الناس من يرى خلاف هذا ففي إطار الموسم الثقافي لجمعية أم القرى النسائية الخيرية بمكة المكرمة في شهر مارس1989، ألقى الشيخ عبد العزيز المسند من علماء الخليج محاضرة جاء فيها قوله :"طلاق المرأة بيدها إذا اشترطت على الزوج عدم الزواج بغيرها." و هو ما نشرته جريدة (عكاظ) اليومية السعودية في عددها: 8280 الصادر في 10 مارس 1989 بالصفحة:13 .
و حتى الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا لم يستقر على رأي في هذه المسألة فهو تارة يعتبر تكرار الزواج سبب موجب للتطليق وتارة يعتبر تكرار الزواج سبب غير مقبول لطلب الزوجة التطليق مثل ما جاء في قرار المحكمة العليا رقم:42681 الصادر بتاريخ:03/11/1986 المنشور بالمجلة القضائية العدد02 لسنة 1989.

ورأى البعض أســــــــــــــاس المسألة في أن الأصل في الأشياء الإباحة ، طبقا للقواعد الفقهية ، و أحـكـام علـم الأصــول ،إذ طالما كان من المقرّر شرعا أن من حق ولي الأمر أن يمنع بعض المباحات جلبا لمصلحة ، أو درءا لمفسدة ،وأنه لهذا السبب فرّق الفقهاء بين " الحرام " الذي لا يقــع إلا بنص ، و" الممنوع" الذي قد يكون في ذاته مباحا ، لكن مُنع لسبب وقتي ، و التعدد في وقتنا الحاضر مفسدة ، فكان تقييده مشروعا، فما سميت الضرة في لسان العرب بهذه التسمية إلا لاشتقاق اسمها من الضرر ومن تم فإن تأسيس الطلاق بسبب عدم الرضا بالتعدد أمر جائز ، و لهذا نصت عليه المادة : 8 من قانون الأسرة ، لأنه إذا كان القرآن قد اشترط لجواز التعدد العدل بين النساء ، فقد قطع باستحالته في قول الله تعالى: ( و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم.) الآية 129 من سورة النساء، فلم يبقى سوى من هو فوق درجة الحرص لكي يعدل بين النساء و هي العصمة من الخــطأ و إنما تلك درجة الأنبياء و القليل من الخلق ممن حظي بها و لا يقدر عليها سائر الناس .
و من شرعا الدفع بما سبق صحيح في الجملة ،مع مراعاة أن منع المباح مؤقتا لوجود مصلحة تقتضي ذلك ، ينبغي أن :
- يقابله سكوت النص .
- و أن لا تخالف آثار هذا المنع نصا شرعيا .

وحال التعدد قد أباحه النص من القرآن و السنة و إجماع الأمة من القرن الأول للهجرة لغاية صدور فتوى جـامع الأزهر سنة 1985 في جريدة ( المسلمون) الدولية ، و على هذا لا مجال للمنع فيما فيه نص شرعي صريح، غير أن تقييد المباح لا حرج فيه ما لم تترتب عن التقييد مفسدة تجب المصلحة .
فالقرآن يصف النبي عليه الصلاة و السلام بأن كل ما أمــرنا به معروف ، و ما أحله لنا طيّب ، و ما نهانا عنه منكـــــــــر ، و ما حرّمه علينا خبث و ضـــــــــــرر ، حيث يقول الله عز و جــــــــل إخبارا عن نبيه ؛" (يأمرهم بالمعروف و ينهاهـم عـن المنكر ، و يُحل لهم الطيبات ، و يحرّم عليــهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم) "من سورة الأعراف الآية 157 .

بخصوص الفقرة ؛ 7 من المادة : 53 أسرة ؛
أ – قانونا ؛
تناولت هذه الفقرة حالة ارتكاب فاحشة مبينة ، من أجل طلب التطليق ، دون النص عن المراد في قانون الأسرة من عبارة : فاحشة مبينة .
وفي هذه الحالة ، تبقى الإحالة الواردة بالمادة : 222 من قانون الأسرة هي الحل الأوحد ، بسبب سكوت القانون عن البيان ، رغم أن المعمول به قضائيا هو حصر الفاحشة في الزنى فمعنى الفاحشة في الاصطلاح القانوني يختلف عن معناها في الاصطلاح اللغوي و الشرعي، ويراد بها في لغة القانون بالأخص زنا الأقارب تبعا للمفهوم الجنائي للمصطلح وفقا لقانون العقوبات الجزائري .


ب – شرعا ؛
في هذا الجانب ، يجب أولا أن نحدّد مفهوم الفاحشة ، حتى يتسنى لنا إدراك ما يتعلق بها من الأحكام ، و كيف يكون شأن إعمال الفقرة 7 المشار إليها أمام جهات قضاء الموضوع أو قضاء المحكمة العليا حين تنظر في النقض.
يقــول الدكتور محمــــــــــــــد علي الصابوني :" الفاحشة و الفحــــــــــــــــــــش و الفحشاء ؛ القبيح من القول و الفعل ، و جمعها فواحش ، و كل ما اشتد من الذنوب والمعاصي يسمى (فاحشة) ، و لهذا يسمى الزنى فاحشة ، قال تعالى :" و لا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا " (روائع البيان في تفسير آيات الأحكام - الجزء 02 الصفحة 588 ).
و عليه فإن الفاحشة لا تنحصر في الزنى فقط ، بل يمتد معناها ليشمل كبائر المعاصي و الذنوب الشديدة ، فيجوز تبعا لهذا – من الناحية الشرعية – أن تطلب الزوجة الطلاق من زوجها إذا كان يشرب الخمر ، لأنه فاحشة و كما سماه النبي صلى الله عليه و سلم:" الخمر أم الخبائث " ، و نحو هذا مثله .
يقول الشيخ عبد العزيز المسند :"( من حق المرأة أن تطلب الطلاق بمجرد أن ترى زوجها يشرب الخمر ." ) وفق ما نشرته جريدة عكاظ السعودية في العدد 8280 سالف الإشارة في الصفحة 13 ، و هـــــــــــــي فـتوى صحيــحة، و الأســــــــــــــــــاس في هذا أنه محرّم بالقرآن و السنة و الإجماع و شربه – و لو بغير إدمـــان – هو انتهاك لحد من الحدود ، و معاشرة امرأة مسلمة مؤمنة لشارب الخمر إذا لم ترضاه ، يخلّ بأحد مقاصد الإسلام الأساسيـــــــة و هو حفظ الدين ، سيّما و أن حضانة الأولاد في حال قيام الزوجية ، و قبل الطلاق مسؤولية مشتركة بموجب أحكام الفقرة :2 من المادة : 36 من قانون الأسرة ، و القانون ذاته في مادته : 62 يعـــرّف الحضانة بأنها رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته على دين أبيـــــــــــه ، و السهر على حمايته ، و حفظه صحة و خلقا ، فكيف تستقيم تربية الولد على دين أبيه و أبوه سكير مدمن خمور فشرعا طلب التطليــق على هذا الأساس مقبول ، لأنه ضرر معتبر شرعا ، و شرب الخمر و إدمانه فــاحشة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالـــــــة ، و قد سماه القرآن :"( رجس من عمل الشيطان) " ثم صدر الأمر الإلهي بقوله تعالى :" (فاجتنبوه) " و في التفاسير الأمر للوجوب بإجماع و لا يوجد مخالف.
أما قضائيا :
فإنه غالبا لا يحكم للزوجة بالتطليق لشرب زوجها الخمر ، لأن الخمر غير ممنوع ، و شربه لا يعد جريمة إلا في سياق السكر العلني فيعتبر جريمة بوصف مخالفة و كذا في حال السياقة في حالة سكر فيعتبر كذلك جريمة بوصف جنحــة ، و قانون العقوبات واضح في هذا الشأن ، إذ ينص صراحة مما لا يدع مجالا للشك أو التردد في مادته : 1 0 على أن :" لا جريمة و لا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون ."

لكـــن ؛
رغم هذا ، فالمسألة لا تعدو كونها مسألة تكييف تقديري ، و عليه ، بإمكان القاضي أن يحكم بتطليق الزوجة عن شارب الخمر إذا طلبت ذلك ، تأسيسا على أحـكام الفقرة :7 من المادة : 53 من قانون الأسرة ، و ذلك بتفسير مضمون الفاحشة و مده إلى الخمر و عدم قصره على الزنى لأن نص قانون الأسرة نص خاص و مصدره الشرع بخلاف قانون العقوبات الذي مصدره التشريع و بالتالي لا تخصيص بدون مخصص ، و من تم يمكن الاستناد في تسبيب الحكم على أحكام الشرع بناء على الإحالة الواردة في المادة : 222 من قانون الأسرة رقم:84-11، وقاضي الموضوع في هذا لا يخضع لرقابة المحكمة العليا لأنه بصدد استعمال سلطته التقديرية ، و بالتالي لا يتعرض حكمه للإلغاء بالنقض ، و الأفضل هو تجاوز استعمال الألفاظ المشتركة في التشريع سدا لباب الاختلاف في التأويل و التفسير المؤدي إلى تعارض الاجتهاد القضائي حتى لا يصبح ذلك محسوبا على النص القانوني ، فوجب وضع الألفاظ في صياغة القوانين التي لا تحتمل إلا معنا واحدا لا غير.

بخصوص الفقرة 08 من المادة 53 : الشقاق المستمر:
تم إضافة حالة استمرار الشقاق بين الزوجين لأنه مؤدي إلى انــعدام أسباب الألفة ونفي المودة والرحمة و السكينة بين الزوجين و هذا السبب هو وليد الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا فتعين تثبيته بتقنينه ، لأنه إذا كان من مقاصد الزواج المودة و الرحمة و السكينة و كان استمرار الشقاق مخلا بكل هذه المقاصد ، فمنح الزوجة حق طلب التطليق هو حفظ لاستقرار الزوجين النفسي و للأولاد من استمرار الصراع بين أبويهم ، و إلا انتهى الحال إلى الجريمة كقتل الأزواج و الزوجات و ما إلى ذلك.
بخصوص الفقرة :09 من المادة 53 : مخالفة الشروط المتفق عليها في عقد الزواج:
أضيفت إلى أسباب التطليق الإخلال بأحكام المادة 19 من قانون الأسرة المعدلة المتعلقة بالاشتراط في الزواج بين الزوجين ، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليــه و سلم : ( المسلمون عند شروطهم.) فكان الإخلال بالشرط سببا قانونيا موجبا للتفريق بين الزوجين بطلب من الزوجة إذا أخل الزوج بالشرط المتفق عليه.

بخصوص الفقرة :10 من المادة :53 أسرة؛ الضرر :
أ-قانونا؛
وتختص هذه الفقرة بكل ضرر معتبر شرعا، و في الفقرة 06 من المادة 53 قبل التعديل كان تخصيص بعبارة: ولا سيّما إذا نجم عن مخالفة الأحكام الواردة في المادتين:8 و37 ."
و سواء في النص السابق أو في النص اللاحق في مشروع التعديل لم يذكر لنا المشروع في عرض الأسباب وجه الاعتبار الشرعي في نظر القانون على أي ضابط ينبني؟، أو على أي أساس يقوم؟، فالظاهر أنه لا يقصد الضرر المعتبر في الشريعة الإسلامية فقط، لأنه حينما كان النص السابق يخصص بالاعتبار مخالفة أحكام المادتين:8 و37 من قانون الأسرة بعبارة؛
(و لا سيّما)، فهو كان يذكر لنا قانون، و لا يذكر لنا سنّة أو قرآن ولا حكم شرعي،وهذه الفقرة 10 من المادة:53 من قانون الأسرة ، هي بمثابة إحالة لتقدير القاضي في نظر أي ضرر ترفع الزوجة من أجله دعوى تطليق، غير الحالات الواردة في باقي الفقرات، و بالتالي تمكينه من تقرير ما إذا كان هذا الضرر موجبا للتطليق أم لا ؟! و تبقى إشكالية المصطلح مطروحة بقوة لأن فهمها يختلف لدى القضاة و هي مسألة تقديرية مهما اختلف فيها القضاة و تعارضت أحكامهم و هذه مشكلة تقتضي الحسم بحلها حين يناقشها البرلمان.
و عليه فإن أحكام هذه الفقرة، تبقى مشوبة بالغموض، في غياب نص واضح يبيّن لنا كيفيات تطبيقها باليقين النافي للجهالة ، لأن المعايير المعتمدة تبقي غير واضحة في الــــــقانون بسبب سكوت النص من جهة ، و غموضه أو تناقضه من جهة أخرى، و هنا يبقى إعمال المادة:222 من قانون الأسرة هو الحل الوحيد، لإنارة ما خفي من جوانب الفقرة : 10 من المادة:53 من قانون الأسرة ، رغم أن النص الفرنسي للمادة 53/6 قبل التعديل يــفهم منه كل ضرر معتبر قانونا بالمعنى الخاص و الضيق لعبارة شرعا و ليس معتبر في الــــشـريعة الإسلامية تبعا لعموم اللفظ و المعنى الواسع له ، لأن النص الفرنسي في المادة 53 قبل التعديل جاء فيه :

(Article 53 : Il est permi a l epouse de demander le divorce pour les causes ci- apres:
01…..
02…..
03…..
04…
05….
06- pour tout prejudice legalement reconnu tel, notamment
par la violation des dispositions contenues dans les articles
8 et 37.
07-….. ).

و حتى المادة 08 من قانون الأسرة رقم 84-11 التي تعرضنا إليها في موضع سابق ذكرت عبارة المبرر الشرعي لتعدد الزوجات وجاء في الترجمة التفسيرية لها أن الشرعي بمفهوم القانوني لا بمفهوم العبارة العام، مع التذكير إلى أن إشارة المادة 08 سالفة الذكر لإباحة تعدد الأزواج إذا توافر المبرر الشرعي ليست على إطلاقها بل مقيدة بالمنشور الوزاري المؤرخ في:22/08/1985 الذي حدد المبرر الشرعي في المرض المزمن و العقم على سبيل الحصر ، مما يجعل من عبارة المبرر الشرعي يقصد بها المبرر القانوني و ليس الشرعي بمفهوم الشريعة الواسع، و يبقى باب الاختلاف حول مفهوم الضرر المعتبر شرعا مفتوحا بين القانون و الشريعة الإسلامية، مما يقتضي استبدال عبارة معتبر شرعا بعبارة معتبر شرعـــا و قانونا رفعا للبس و الإشكال ، أو بعبارة كل ضرر معتبر في الشريعة الإسلامية تبعا لنية المشرع و مراده في هذا الباب.
ب - شرعا:
مفهوم الضرر المعتبر شرعا:
يقصد بالضرر هنا:" كل أذى يصيب الزوجة و لم يكن بسبب الغيبة و لا العيب، و ينحصر عند كثير من الباحثين في نوعين إيجابي و سلبي.
أما الإيجابي؛
فهو ما يصدر عن الزوج من قول أو فعل يوجـــــــــــــب تأذي الـــــــــــــــــزوجـــــــــــــــــة و تضررها ماديا أو معنويا أو الاثنين معا، و يحدث الشقاق بينهما .
و أما السلبي؛
فهو هجرها و منعها ما تدعو إليه الناحية الجنسية على ما ذكره الشيخ محمود شلتوت في مقارنة المذاهب في الفقه.
و العمدة في تقدير الضرر شرعا كضابط أساسي حين الحـــــــــــــــــــــكم هو: الكتاب و السنة، و إجماع الأمة، و العرف الصحيح، و القواعد الفقهيــــة، و مراعاة مقاصد الشرع الخـــــمسة، و هي، حفظ الدين، وحفظ النفس، و حفظ العقل، و حفظ النســــــل، و حفظ المال، فكل ضرر يمس أحد هاته المقاصد التي هي مدار الفقه و الشرع فهو ضرر معتبر شرعا.

و بالتالي طالما كان ليس بالضرورة كل ضرر معتبر شرعا هو ضرر معتبر قانونا ، و العكس صحيح ليس كل ضرر معتبر قانونا هو بالضرورة ضرر معتبر شرعا أوصينا في لجنة مراجعة قانون الأسرة و أكررها اليوم لنواب الشعب و الأمة في البرلمان بأن تعدل المادة 53/10 بجعل العبارة : كل ضرر معتبر شرعا و قانونا ، حتى نتفادى التعارض بين الشريعة الإسلامية والقانون في التطبيقات القضائية ، لأن تناقض الاجتهاد القضائي أصبح محسوبا على القانون ، و قانون الأسرة بخلاف سائر قوانين الجمهورية له طابعه الخاص و الحساس.
و من تم أكرر على سبيل التوكيد أن الوضع العام للتشريع الجزائري يوجب حسم المسألة وقطع الشك باليقين بالتخلي عن كل لفظ مشترك في القانون واستبداله بلفظ صريح لا يحتمل أكثر من معنى واحد.
المادة 53 مكرر : يجوز للقاضي في حالة الحكم بالتطليق أن يحكم للمطلقة
بالتعويض عن الضرر اللاحق بها.

عرض الأسباب: جاء في عرض أسباب المشروع التمهيدي لقانون الأسرة أن هذه المادة تكرس حق المرأة التي تطلب التطليق في الحصول على التعويض ، تماشيا مع الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا في هذا المجال.

التعليق: كما سبق البيان حين تعرضنا لاختلاف و تناقض الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا حين فصلنا مفهوم التعويض و المتعة في شرح المادة 52 المعدلة ، فقد كان الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا مستقرا على أن لا تعويض لمن تختار فراق زوجها و كانت المطلقة لا تأخذ متعة و لا تعويض إلا حال الطلاق التعسفي بالإرادة المنفردة للزوج ، أما في التعديل الجديد فيجوز لطالبة التطليق أن تطلب التعويض و للقاضي أن يحكم لها بذلك ، لأن الزوجة في إطار أحكام المادة 53 التي هي أساس المادة 53 مكرر لم تختر فراق زوجها دون مسوغ شرعي و إنما طلبت التطليق لضرر قانوني أو شرعي من جملة الأضرار المنوه عنها بالمادة 53 التي سبق شرحها تفصيلا و بالتالي ليس من الحق و لا من العدل أن نجمع عليها بين ضررين ، الضرر الذي حملها على طلب التفريق القضائي و حرمانها من تعويض ذلك الضرر ، و القاعدة الشرعية أن كل من تسبب في أي ضرر فعليه الضمان و القاعدة القانونية وفق قواعد المسؤولية التقصيرية المقررة بالمادة 124 من القانون المدني أن كل عمل أي كان ، يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض ، و من تم كان التعديل الجديد حاسما للخلاف و مغلقا بشكل نهائي لباب تناقض الاجتهاد القضائي في هذه المسألة بتقرير حق طالبة التطليق لضرر بتعويض مناسب عن ذلك الضرر حين الحكم لها بالتفريق القضائي بينها و بين زوجها و لا مخالفة للشريعة الإسلامية الغراء في هذا الصدد.
المادة 54 المعدلة: يجوز للزوجة دون موافقة الزوج أن تخالع نفسها مقابل
تعويض.
إذا لم يتفق الزوجان على مبلغ التعويض يحكم القاضي بما لا
يتجاوز قيمة صداق المثل عند صدور الحكم.

عرض الأسباب : جاء في عرض أسباب هذه المادة المرفقة بالمشروع ، بأن التعديل المدخل على هذه المادة يهدف إلى توضيح أحكام الخلع ، عن طريق تكريس الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا في هذا المجال المستقر عليه منذ 1997، و تأكيد حق المرأة في خلع نفسها من زوجها دون حاجة إلى موافقة الزوج، إلا أن الزوج يمكنه منازعة مقابل التعويض ، و يرجع في هذه الحالة للقاضي الذي يحكم بما لا يتجاوز قيمة صداق المثل عند صدور الحكم.

التعليق:
الخلع بضم الخاء المعجمة و سكون اللام ، قال الإمام المحقّق الزرقاني في شرح الموطأ :مأخوذ من الخَلْع – بفتح الخاء - : أي النزع سُمي به لأن كلا من الزوجين لباس للآخر ، وفي هذا المعنى قال الله تعالى : " هــنّ لباس لكم و أنتم لباس لهّن ." فكأنه بمفارقة الآخر نزع لباسه، و ضـم مصدره تفرقة بين الحسي و المعنوي – أي أن الخَلع للنزع الحسي ، و الخُلع للنزع المعنوي – وذّكر أبو بكر بن دريد في أماليه أن أول خلع كان في الدنيا أن عامر بن الظَرِب زوّج بنته لابن أخيه عامر بن الحارث بن الظَرب فلما دخلت عليه نفرت منه ، فشكى إلى أبيها ، فقال : لا أجمع عليك فراق أهلك و مالك ، و قد خلعتها منك بما أعطيتها. وقال العلماء : أن هذا كان أول خُلع في العرب.

ولقد جاءت المادة 54 من القانون رقم:84-11 قبل اقتراح تعديلها بصيغة عامة لا يفهم منها اشتراط موافقة الزوج على الخلع أو عدم موافقته مما أدى على مدار 20 سنة كاملة إلى تعارض و تناقض كبيرين في الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا في المسألة ، فاختارت اللجنة الوطنية لمراجعة قانون الأسرة توضيح المسألة بتحديد أن الخلع يقع بدون موافقة الزوج ، و الذي تتم الموافقة عليه إنما هو البدل فقط أو تعويض الزوج، فإن لم يتفقا على شيء يقضي القاضي بما لا يتجاوز صداق المثل وقت الحكم دون تقييد بموافقة الزوج.
و قد قال الفقهاء يشترط Sad أن يكون خلع المرأة اختيارا منها و حبا في فراق الزوج من غير إكراه و لا ضرر منه بها ، فإن إنخرم أحد هذين الشرطين نفذ الطلاق و لم ينفذ الخلع ) : ( القوانين الفقهية لابن جزي الغرناطي ، الصفحة 233).
ودليل مشروعية الخلع ، هو من القرآن و السنة الصحيحة ، لقوله تعالى ؛ (و لا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا ، إلا أن يخافا ألاّ يقيما حدود الله ، فإن خفتم ألاّ يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به، تلك حدود الله فلا تعتدوها ، و من يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) من سورة البقرة الآية 229.
وقال الإمام مالك في الموطأ: " إذا علم أن زوجها أضرّ بـــها و ضيّق عليها ، و علم أنه ظالم لها مضى الطلاق وردّ عليها مالها."( شرح الزرقاني على الموطأ ، الصفحة 185).
و من تم كان تعديل المادة 54 موضحا أنه لا يشترط موافقة الزوج في طلب الخلع ، لأنه لو كانت موافقته شرطا لازما لكنا بصدد طلاق بالتراضي لا بصدد خلع .
وحيث أننا في إطار التحليل ، نرجع بحكم الإحالة دائما طبقا للمادة : 222 من قانون الأسرة إلى دراسة دليل مشروعية الخلع ، الذي سبق ذكره .
فلقد ورد في الحديث الصحيح أن امرأة ثابت بن قيس – و هي السيدة جميلة بنت أبي سلول ، أتت النبي صلى الله عليه و سلم، فقالت عن زوجها؛ ما أعتب عليه في دين أو خلق – لأنها لو عابت عليه في دين أو خلق ، لما وقع خلعا، و لتعلق الأمر بتطليق للضرر مباشرة ، و الذي يفهم من الحديث أيضا ، أن العيب في الدين و الخلق معتبر شرعا – قالت : و لكني أكره الكفر في الإسلام ، فقال الرسول (ص) قاضيا بينهما: أتردين عليه حديقته – لأنها كانت المهر الذي قدّمه لها حين زواجهما – قالت : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إقبل الحديقة و طلقها تطليقة ،) رواه البخاري و في رواية له: و أمره بطلاقها.
في الأخير نصل إلى أن عدم موافقة الزوج في دعوى الخلع هو الأرجـح و الأولى بالأخذ طبقا للاجتهاد القضائي الأخير للمحكمة العليا ، و الحكم بالخلع بائن لا يقبل الاستئناف إلا في جوانبه المادية كالطلاق ، بدليل ما أخرجه أبو داود و الترمذي و حسنّه أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى الله عليه و سلم عدتها حيضة واحدة ، و كون الخلع بائن فهذا مواضيع الإجماع الفقهي لدى جميع المذاهب ، فإن أرادا أن يتراجعا فبعقد جديد لزوما.
فوجه الاتفاق إذن هو مقدار التعويض لا الخلع نفسه و إن لم يقع الاتفاق على أي شئ أي لم يرضى الزوج لا بالخلع و لا بالتعويض يحكم القاضي بالخلع و بما لا يتجاوز صداق مثل الزوجة وقت الحكم.

تطبيقات قضائية:
قبل صدور قانون الأسرة سنة1984:
01- (من المقرر شرعا أنه إذا اتفق الزوجان على مبدأ الخلع و ليس على مبلغه، فلقضاة الموضوع السلطة المطلقة لتحديده بناء على الصداق المعجل و ما ثبت لديهم من الظلم (؟) و ينتج عن الخلع بمجرد قبوله فسخ الزواج(؟)دون حاجة إلى اشتراط أدائه فورا، إذ يمكن فوق ذلك تأجيل دفعه ، كما يسوغ أن يكون شيئا غير موجود وقت الاتفاق): (المجلس الأعلى، الغرفة المدنية، 22/05/1969 مجموعة الأحكام ، الجزء 01 ص:35 وكذا النشرة السنوية 1968 الصفحة:111).
والملاحظ هنا أن هذا الاجتهاد القضائي اعتبر الخلع فسخا و ليس طلاقا قضائيا بائنا ، فإذا عدنا إلى التأصيل الشرعي وجدنا قول أبي حنـــيفة و مالك و الشافعي في أظهر قوليه و أحمد في إحدى روايتيه أن الخلع طلاق مع قول أحمد في أصح روايتيه أنه فسخ لا ينقص عددا و ليس بطلاق و هو القديم من مذهب الشافعي و اختاره جماعة من متأخري أصحابه فيما فصله الإمام عبد الوهاب الشعراني الشافعي في موسوعته الفقهية الميزان الكبرى المجلد 02 الصفحة 119.
ولقد قال الإمام الشافعي في كتاب Sadالأم) هو فسخ و به قال الإمام أحمد بن حنبل ،و داود الظاهري ، خلافا للإمام مالك بن أنس، و أبـو حنيفة الذي سوّى بين الطلاق و الفسخ فيما حكاه صاحب بداية المجتهد ابن رشد القرطبي بخلاف ما ذكره الشعراني ، و قال ابن رشد : قال عبد اللّه بن عباس من الصحابة أن الخلع فسخ.
و دون إطناب في التفاصيل نكتفي أساسا للإيجاز بما ذكره العلاّمة؛ الإمام بن قيّم الجوزية من أن : (الدليل على أن الخلع فسخ و ليس بطلاق ، أنه رتّب على الطلاق بعد الدخول ، ثلاثة أحكام ، كلها منفية عن الخلع؛
أولها؛ أن الزوج أحق بالرِجعة ، و الخلع لا رجعة فيه.
و الثاني؛ محسوب من الثلاث طلقات و الخلع زائد عليها.
و الثالث؛ أن عدة المطلقة ثلاثة "قروء" ، بينما عدة المختلعة " قرء" واحد.") راجع مجلة الدوحة القطرية - العدد 112 - أبريل 1985 ، الصفحة ؛ 83 . ركن دائرة
المعارف القرآنية ، موضوع العدد ؛ حول الطلاق ، بقلم :الدكتور محمد البهي .

و من تم فالاجتهاد القضائي للمجلس الأعلى الصادر سنوات 1968 و 1969 كان يأخذ بالمذهب الحنبلي في مسألة الخلع و يعتبره فسخا ، ولم يكن يأخذ بمذهب الإمام مالك و لا بمذهب أبي حنيفة رضي الله عنهما، لكن الاجتهاد القضائي لم يستقر على هذا و استمر مذبذبا كل فترة يأخذ برأي ، مما ترتب عنه عدم استقرار في الأحكام على ما سيأتي بيانه أدناه.
02- (من المقرر شرعا و قانونا بأن الخلع هو طلاق بإرادة الزوج المنفردة(؟)مقابل مال تدفعه له الزوجة يتم الاتفاق عليه، و من تم فإنه لا يجوز للقاضي الحكم به دون رضا الزوج): (لمجلس الأعلى، غرفة القانون الخاص، 19/02/1969 النشرة السنوية 1969 الصفحة:266.) .
03- (ليس الخلع في القانون(؟) إلا طلاقا صادرا عن إرادة الزوج المنفردة يحصل مقابل أداء الزوجة له تعويضا يقدر باتفاق الطرفين ، غير أن عرض الزوجة الخلع لا يخولها أي حق؟ و لا أثر له على إبقاء روابط الزوجية إذا لم يرض الزوج به ، و لا يمكن اعتباره كطلب مقدم إلى القضاة و يكون عليهم الفصل فيه، و من ثم فإن هذا الوجه غير مبرر.) : (المجلس الأعلى ، الغرفة المدنية 12/03/1969 ، مجموعة الأحكام ، الجزء 01 الصفحة:170.)

04-( من المقرر شرعا أن الخلع هو حل عقد الزواج نظير عوض تلتزم به الزوجة بقبولها و مقداره يحدد بالتراضي بين الطرفين، و لا دخل للقاضي في تحديده وفقا للشريعة الإسلامية(!)، و بما أن القضاة تدخلوا لتحديد مقداره لحسم النزاع القائم بين الطرفين فيكونون أخلوا بقواعد الشريعة الإسلامية (؟) مما يستوجب نقض قرارهم.): (المجلس الأعلى، غرفة الأحوال الشخصية 25/02/1980 ملف رقم:21305 نشرة القضاة 1980 ص:79.).
05 - (من المقرر شرعا أنه الطلاق على مال لا يفرض على الزوجة كما لا يفرض على الزوج ، إذ الخلع شرع لمعالجة حالات ترى الزوجة فيها أنها غير قادرة على الــــبقاء مع زوجها فتعرض عليه مالا لمفارقتها، إن قبل تم الخلع و طلقت منه.) : (المجلس الأعلى ، غرفة الأحوال الشخصية، 08/02/1982 ملف رقم:26709 نشرة القضاة 1982 ص:258.) .

بعد صدور قانون الأسرة رقم:84-11 سنة1984:
01-(من المقرر شرعا أن الخلع يعتبر عقدا رضائيا (؟) و لا يجوز حينئذ للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه ، فإن القضاء بما يخالف أحكام هذا المبدأ يعد انتهاكا لقواعد الشريعة الإسلامية في الخلع (؟) …): (المجلس الأعلى ، غرفة الأحوال الشخصية 11/06/1984 ملف رقم:33652 المجلة القضائية 1989/03 ص:38.).

02-( من المقرر فقها أنه في حـــــــــــالة الاتفاق بين الزوجـــــــــــــــــــــين على مبدأ الخلع و الاختلاف على مقداره فإن أمر تقديره يعود لقاضي الموضوع ، باعتبار أن ذلك يعتبر اتفاقا على مبدأ الطلاق بخلع ، و من تم يتعين على القاضي تقدير قيمة الخلع ثم الحكم بالطلاق (؟) ، و تأكيدا لهذا المبدأ يستوجب نقض القرار الذي يقضي برجوع الزوجة لمحل الزوجية إذا طلبت الطــــــــــــــــــــــلاق بــخلع على مقدار صداقها و اشتراط الزوج خلعا قدره 50.000 دج رغم انصراف إرادة الطرفين إلى الطلاق بخلع و طلبهما له معا.) : (المجلس الأعلى، غرفة الأحوال الشخصية، 22/04/1985 ملف رقم:36709 المجلة القضائية العدد01 ص 92.).

03 ؛( من المقرر فقها و قضاء أن قبول الزوج للخلع أمر وجوبي(؟) و أن ليس للقاضي سلطة مخالفة الزوجين دون رضا الزوج(؟) و من تم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا لأحكام الفقه …!!) : (المجلس الأعلى ، غرفة الأحوال الشخصية، 21/11/1988 ملف رقم:51728 المجلة القضائية:1990 عدد03 ص:72.)

04 ؛ (من المقرر قانونا أنه يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم الاتفاق عليه فإن لم يتفقا على شيء يحكم القاضي بما لا يتجاوز صداق المثل وقت الحكم .
و إن الـــــــمادة 54 من قانون الأسرة تسمح للزوجة بمخالعة نفسها من زوجها على مال دون تحـــــديد نوعه كما يتفق الطرفان على نوع المال و قدره و في حالة عدم اتفاقهما يتدخل القــــــاضي لتحديده على أن لا يتجاوز ذلك قيمة صداق المثل وقت الحكم دون الالـــــــتفات إلى عدم قبول الزوج بالخلع الذي تطلبه الزوجة لأن ذلك يـفتح الباب للابتزاز و التعسف الممنوعين، و عليه فإن قضاة الموضوع - في قضـــــــــــية الحال- لما قضوا بتطليق الزوجة خلعا دون موافقة الزوج طبقوا صحيح القانون.) : (المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية، 21/07/1992 ملف رقم:83603 المجلة القضائية 2001 عدد خاص بالاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية ، ص 134.).

05 – (من المقرر قانونا و شرعا أن الخلع حق خولته الشريعة الإسلامية للزوجة لفك الرابطة الزوجية عند الاقتضاء و ليس عقدا رضائيا، و من تم فإن قضاة الموضوع لما قضوا في قضية الحال بفك الرابطة الزوجية خلعا و حفظ حق الزوج في التعويض رغم تمسكه بالرجوع فإنهم بقضائهم كما فعلوا طبقوا مبادئ الشريعة الإسلامية و لم يخالفوا أحكام المادة:54 من قانون الأسرة.) : (المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية، 30/07/1996 ملف رقم:141262 المجلة القضائية 1998/01 الصفحة:120).

06 ؛( الخلع رخصة للزوجــــــــــــة تستعملها لفدية نفسها من الزوج مقابل مبلغ مالي تعرضه عليه ، و من تم فإن قضاة الموضوع لما قضوا بتطليق الزوجة خلعا دون موافقة الزوج طبقوا صحيح القانون.) : (المحكمة العليا، غرفة الأحوال الشخصية ، 16/03/1999 ملف رقم:216239 المجلة القضائية ، عدد خاص سنة 2001 ص 138.).

وعلى هذا الأساس و لما كان كل هذا الخلط و التناقض واقع في الاجتهاد القضائي لأعلى هيئة قضائية في الجزائر كان لزاما القيام بتعديل قانون الأسرة رقم 84-11 بحسم الأمر فيما كشف الاجتهاد القضائي عن وقوع الاختلاف فيه بالنص القانوني الواضح ،و من تم فحتى تكون لنا منظومة قضائية مستقرة و حتى لا يكون هناك تعارض في الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا مستقبلا رأت اللجنة حسم المسألة بموجب المادة 54 المعدلة كما وردت في المشروع على بينة من الشريعة الإسلامية الغراء و تفاديا لكل تناقض محتمل في التطبيقات القضائية.
و عليه نجد :
أن حكم الخلع الجواز بأن تبذل المرأة لزوجها مالا مقابل الطلاق، أو تسقط عنه حقا لها عليه ، كالتنازل عن الحضانة مثلا.
و لا تـــرفع الدعوى في الخلع شرعا من الزوجة فقط ، بل تتوفر الصفة و المصلحة في التقاضي ، للسيد بالنسبة للآمة و هذا باب غلقه الزمن و عفت عنه العادة فلم يعد في الناس سيد و لا آمة بانقضاء نظام الرق في الحياة الاجتماعية المعاصرة ومنع المواثيق الدولية له ، كما يجوز للأب أن يخالع عن ابنته الصغيرة التي لم تبلغ سن الرشد ، و عن اليتيمة الوصي ، و عن الزوج الصغير والده، أو الوصي أو المقدم إن كان يتيما ، و هو ما ذهب إليه ابن جزي الأندلسي في كتابه القوانين الفقهية :" تخالع الرشيدة عن نفسها ، و يخـــــــالع عن الآمة سيدها ، ويخــــالع الأب عن ابنته الصغيرة ، بخلاف الوصي و يخالع الأب و الوصي عن الزوج الصغير زوجته ، و لا يجوز خلع السفيهة .." ، أما قانونا فلا يجوز طلب الخلع من غير الزوجة قاصرة كانت أو بالغة ، لأنها إن كانت قاصرة فترشد قانونا بالزواج و الصفـــــة و المصلحة في رفع الدعوى شخصية لا يرخص فيها قانونا لوالد الزوجة بصفته وليها بالتدخل ، و السبب المباشر هو أن إجراءات رفع الدعاوى يحكمها قانون الإجراءات المدنية و هو قانون خاص مصدره الوحيد و الأوحد هو التشريع و التشريع فقط و لا يرجع إلى الشريعة الإسلامية إذا لم يوجد فيه نص، لأنه يتعلق بالإجراءات و ليس بأصل الحق ، و لتفادي هذا الإشكال نجد دولة مثل مصر قننت قانونا خاصا بإجراءات الأحوال الشخصية باعتبار خصوصية الأحوال الشخصية و خصوصية مصدرها ، بينما المشرع الجزائري لم يفعل.
ذلـــك بأن استعمال الخلع الذي هو أصلا في صالح المرأة ، أصبح معطّلا ، و معيبا أمام القضاء ، حتى أن بعض الجمعيات النسوية في الجزائر نظرت إلى الخلع كما لو كان مساومة و شراء حرية الزوجـــــــة ، فأضاعت حقا عظيما للمرأة لسوء فهم كلا من الشرع و القانون ، إذ الذي يحكم الأذهان و التصورات في واقعنا المعاصر ، إنما هو العرف الفاسد.
والدليل الشرعي في عدة الطلاق هو من القرآن في قوله تعالى :" و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء." من سورة البقرة الآية 228 و الخطاب في الآية للمطلقات ، و حيث اختلفت عدة المطلقة ، فإن الخلع فسخ و ليس طلاقا متوقف على مشيئة الزوج ، و من هنا ظهر وجه ترجيح كون الخلع فـــــسخ قضائي و ليس طلاقا متوقفا على إرادة الزوج و هو ما ذهب إليه مشروع القانون الجديد في تعديل المادة: 54 من قانون الأسرة الجزائري.

المادة 57 : تكون الأحكام الصادرة في دعاوى الطلاق و التطليق والخلع غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبها المادية .
تكون الأحكام المتعلقة بالحضانة قابلة للاستئناف.
عرض الأسباب: ورد في عرض أسباب هذه المادة أنه رفعا للبس الموجود في التطليق بخصوص قابلية أحكام الطلاق ، الخلع و التطليق للإستئناف من عدمه تنص هذه المادة في صيغتها الجديدة على أن الأحكام الصادرة في دعاوى الطلاق والتطليق والخلع غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبها المادية ، أما التطليق فقد تقرر شرعا لوضع حد للضرر الواقع على الزوجة و أن طول مدة الإجراءات بسبب الاستئناف يؤدي إلى الاستمرار في هذا الضرر.
كما أن الأحكام الصادرة في الخلع لا يمكن للزوج المنازعة فيها ما دام الخلع لا يتوقف على موافقته ، لذلك فإن جعل هذه الأحكام غير قابلة للاستئناف إلا في جوانبها المادية أمر منطقي.
كما تنص هذه المادة على أن الأحكام المتعلقة بالحضانة تكون قابلة للاستئناف توخيا للدقة والوضوح.

التعليق:
كانت المادة 57 في صيغتها القديمة من قانون الأسرة رقم 84-11 تنص على أن أحكام الطلاق نهائية إلا في جوانبها المادية ، فكانت صيغتها عامة ، مما جعل الاجتهاد القضائي يتعارض بصدد قابلية أحكام التطليق للاستئناف أم لا ، فكان بعض القضاة يقبلون الاستئناف و البعض الآخر يدخلون التطليق في عموم المادة 57 فيرفضون قابليته للاستئناف و يعتبرونه نهائيا.
و من تم كان الرأي الراجح لدى الباحثين في اللجنة في اجتماع شهر مارس من السنة الجارية تفصيل أحكام المادة 57 بشكل صريح وواضح لا يترك أي لبس حتى نتفادى تناقض الاجتهاد القضائي في تفسير المادة 57 فنص الاقتراح بتعديل المادة 57 معدلة على أن يكون مؤداها أن أحكام الطلاق بنــــاء على طـلب الزوج و الأحكام باللعان غير قابلة للاستئناف إلا في جوانبها المادية ، ذلك بأن حكم القضاء في هذا الصدد كاشف للتفريق و ليس منشئ ، فالطلاق يقع بعد استنفاذ فترة الصلح التي يجب أن تستغرق فترة الــعدة فيقع بائنا بينونة صغرى و اللعــان يقع على التأبيد شرعا بإجماع فلا معنى لاستئناف هذه الأحكام شرعا و قانونا ، و كذا الحكم بقبول دعوى الخلع و التفريق به يقع شرعا بائنا بلا رجعة فلا معنى لاستئنافه إلا إذا قضى برفض دعوى الخلع جاز استئنافه لتصحيح خطأ الحكم الابتدائي في تطبيق القانون.
أما عن أحكام التطليق فلقد اختلفت أراء اللجنة و الباحثين بين قائل أنها ينبغي أن لا تستأنف لأن تفريق القاضي يقع بائنا و بين قائل أنها ينبغي أن تستأنف ، و بعد المناقشات والاستدلالات كان الرأي الراجح أنها تقبل الاستئناف ذلك بأن حكم القاضي في التطليق منشئ و ليس كاشفا طالما أن العصمة هنا بيد الزوج كأصل عام و الزوجة تطلب التفريق بناء على ضرر محدد من الأضرار المذكورة في المادة 53 المعدلة من المشروع ، و بالتالي فإن نطق القاضي بالتطليق يستند إلى تقدير شخصي لأسباب التطليق و قد يقع في الغلط أو يدّلس عليه أو تستعمل الزوجة الغش أو يخطئ القاضي في التقدير فوجب أن تكون أحكام التطليق قابلة للاستئناف حتى يسمح لقضاة المجلس و هم هيئة قضاء جماعي بمراقبة أحكام المحاكم في هذا الصدد و القضاء إما بتأييدها أو بإلغائها عند الاقتضاء و التصدي للفصل من جديد كما يقتضيه القانون و يتم احتساب العدة من تاريخ صدور الحكم النهائي بالتطليق أي من تاريخ صيرورة حكم الدرجة الأولى القاضي بالتطليق نهائيا بعد استنفاذ آجال الطعن فيه أو من تاريخ صدور قرار المجلس القضائي في حال استئنافه، و من تم قرر أغلب أعضاء اللجنة قابلية أحكام التطليق للاستئناف في كل جوانبه.
غـــير أن المشروع التمهيدي اختار جعل التــطليق غير قابل للاستئناف و فعلا كان في اللجنة من رأى أن تفريق الحاكم يقع بائنا و من تم التطليق يجب أن يكون نهائيا و كان من بين من رأى هذا الرأي قاضي محترم عضو باللجنة ورئيس مجلس قضائي تشرفنا بالعمل معه بالفوج الثالث ، فتم الأخذ بوجهة النظر هذه فجاءت صيغة المشروع كما وردت في المادة 57 المعدلة، و محاضـر الجلسات شاهدة على هذا ، فانتفى بالتالي الإشكال.

كما تقرر التنصيص في المادة 57 المعدلة على أن الأحكام القاضية بالخلع تقع نهائية لأن الخلع في الشريعة الإسلامية كما أسلفنا يقع بائنا و بالتالي الخلع لا يقبل الاستئناف إلا في جوانبه المادية، و إذا رفض القاضي طلب الخلع جاز للزوجة الطعن بالاستئناف حتى لا تحرم من الدرجة الثانية للتقاضي المرتبطة بالنظام العام و يكون لقضاة الاستئناف سلطة رقابة تأسيس الرفض من عدمه ليصدروا قرارهم النهائي في النزاع كما يقتضيه القانون.

المادة 57 مكرر: يجوز لرئيس المحكمة الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر عــلى ذيل عريضة في جميع الإجراءات المؤقتة و لا سيمـــا تلك المتعلقة بالنفقة و حضانة الأطفال و الزيارة و المسكن.
عرض الأسباب : جاء في عرض أسباب هذه المادة أنها تعطي لرئيس المحكمة إمكانية الفصل على وجه السرعة و بموجب أمر على عريضة في الإجراءات المؤقتة ، لاسيما تلك المتعلقة بالنفقة و حضانة الأطفال و الزيارة و المسكن و هي المسائل التي تقتضي السرعة للفصل فيها.
التعليق:
الاختصاص النوعي لرئيس المحكمة بصفته قاضي الأمور المستعجلة للفصل في النفقة و حق الزيارة كان موجودا منذ 1966 في قانون الإجراءات المدنية ضمن عموم المادة 172/1 ، و كذا المادة 40 من نفس القانون فيما يتعلق بالنفقة ، غير أن جديد هذه المادة هو أضافت لرئيس المحكمة صلاحية الفصل مؤقتا في الحـــضانة و السكن ، فطالما كانت الحضانة من آثار الطلاق و الطلاق نافذ بتصريــح الزوج به و تسجيله بالمحكمة و يبقى فقط إثباته بحكم قضائي كاشف، جاز لرئيس المحكمة إذا تبث لديه انعقاد خصومة طلاق بتقديم عريضة افتتاح دعوى طلاق مسجلة و مجدولة مرفقة بمحضر تكليف بالحضور ، جاز له الحكم باسناد الحضانة لأي شخص ممن ذكرهم القانون مؤقتا و ينتهي الأمر الاستعجالي بصدور الحكم القطعي عن قاضي الموضوع ، فإن كان التعارض في الإسناد فالعبرة بالحكم القطعي الموضوعي و ليست بالأمر الاستعجالي لأنه مؤقت خاص فقط بالفترة المخصصة لسير دعوى الــطلاق لا غير، و كذلك تخصيص مسكن لممارسة الحضانة حتى لا يتشرد المحضون أو المحضونين في الشوارع بسبب اختصام الأباء ، و كل هذا بشكل مؤقت لحين صدور حكم قطعي في الموضوع.

المادة 64: الأم أولى بحضانة ولدها ، ثم الأب، ثم الجدة لأم ثم الخالة ثم الجدة
لأب ثم الأقربون درجة مع مراعاة مصلحة المحضون في كل ذلك ،
وعـــلى القاضي عندما يقضي بإسناد الحضانة أن يحكم بحق
الزيارة.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب المرفقة بنص المشروع التمهيدي للتعديل الذي عرض على مجلس الحكومة أنه يقترح إعادة النظر في ترتيب الحق في ممارسة الحضانة، عن طريق تقديم الأب على الجدة و الخالة في إسناد الحضانة، على اعتبار أن الأب أولى منهم و أكثر حرصا على رعاية أبنائه.



التعليق:
مفهوم الحضانة و طبيعتها:

لغة : وفق ما عرفها المستشار عبد العزيز عامر في كتابه ( الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية فقها و قضاء) في الجزء 02 الصفحة 191 : الحضانة بكسر الحاء و فتحها في اللغة مصدر حضن و معناها الحضن و هو الجنب بالفتح أو الصدر و العضدان و ما بينهما يقال حضن الطائر بيضه إذا ضمه إلى جناحه و حضنت الأم ولدها إذا ضمته إلى جنبها أو صدرها و قامت بتربيته و تسمى حينئذ حاضنة ، و للقارئ الكريم الرجوع إلى ( لسان العرب) لابن منظور ، مادة ( حضن) و يقال حضن الصبي حضنا بفتح الحاء و حضانة جعله في حضنه بكسر الحاء ، و الحضن صدر الإنسان أو عضداه و ما بينهما أو ما دون الإبط إلى الكشح و يقال حضنت المرأة ولدها إذا ضمته لنفسها و قامت بتربيته.

شرعا: و تعرف الحضانة شرعا بأنها تربية الطفل و رعايته و القيام بجميع أموره في سن معينة ممن له الحق في الحضانة ولقد عرفها الإمام الشافعي رضي الله عنه بأنها تربية من لا يستقل بأموره بما يصلحه و يقيه عما يضره كما ورد في حاشية ابن عابدين، و خلاصة تعريفها شرعا أنها: تربية الطفل الذي لا يستقل بشؤون نفسه في سن معينة، ممن له الحق في ذلك من محارمه على ما ذكره الأستاذ محمد محي الدين عبد الحميد في كتابه الجليل القدر: ( الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية مع الإشارة لما يقابلها في الشرائع الأخرى ) طبعة دار الكتاب العربي لسنة 1984 الصفحة 393 .

قانونا: عــرف قانون الأسرة الجزائري رقم 84-11 الحضانة بأنها رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته على دين أبيه و السهر على حمايته و حفظه صحة و خلقا و يشترط في الحاضن أن يكون أهلا لذلك وفقا لما نصت عليه المادة 62 من نفس القانون ، و هو تعريف مستنبط من المعاني الشرعية الإجمالية الواردة في الفقه الشرعي، و باستقراء باقي التشريعات العربية نجد مفهوم الحضانة كالآتي:
في المملكة الأردنية الهاشمية : لم نص قانون الأحوال الشخصية رقم:61 لسنة 1976 على تعريف للحضانة و نظم أحكامها في الفصل السادس عشر في المواد من 154 إلى 166 أنظر الجريدة الرسمية الأردنية العدد:2668 المؤرخ في 01/12/1976.

في تونس: عرفت مجلة الأحوال الشخصية الحضانة في مادتها 54 بأنها حفظ الولد في مبيته و القيام بتربيته أنظر الرائد الرسمي العدد 66 المؤرخ في 17/08/1956 المعدل بالقانون رقم:49 لسنة 1966 المنشور في الرائد الرسمي العدد 24 المؤرخ في 03/06/1966.

في سوريا: لم ينص قانون الأحوال الشخصية السوري على تعريف تشريعي للحضانة في قانون الأحوال الشخصية، راجع المرسوم التشريعي رقم:59 الصادر في 17/09/1953 المتمم و المعدل و المنشور في الجريدة الرسمية السورية العدد 03 المؤرخ في 21/01/1976.

في الصومال: عّرف المشرع الصومالي الحضانة في قانون الأحوال الشخصية في الباب الرابع من الكتاب الثاني المتعلق بالخلف و النفقة في مادته:63 التي نصت على ما يلي : ( يقصد بحضانة الولد تربيته تربية حسنة و تعليمه و العناية بنشأته الخلقية بما لا يتعارض مع الحقوق الخاصة بوليه.) وفق ما ورد في قانون الأحوال الشخصية رقم:23 الصادر في:11/01/1975 المنشور بالجريدة الرسمية الصومالية العدد01 ملحق03 المؤرخة في:08/03/1975.

في العراق: المشرع العراقي لم يحدد مفهوم تشريعي خاص للحضانة و لم يخصص لها سوى 03 مواد في قانون الأحوال الشخصية و هي المواد 55-56-57 وفق ما وجدناه في قانون الأحوال الشخصية رقم:188 لسنة 1959 المعدل المنشور في الوقائع العراقية عدد 280 الصادرة بتاريخ:30/12/1959.


في المغرب: عرفت مدونة الأحوال الشخصية المغربية القديمة الحضانة في مادتها:97 التي أصبحت المادة 163/1 بعد التعديل بأنها: ( حفظ الولد مما قد يضيره قدر المستطاع و القيام بتربيته و مصالحه.) و هذا ما وقفنا عليه في مدونة الأحوال الشخصية المغربية الصادرة بموجب الظهير الشريف رقم:343-57-1 المنشور بالجريدة الرسمية المغربية العدد2354 في دجنبر 1957 ، المعدلة بالقانون رقم:70-03 الصادر بتنفيذه ما يُعرف بالظهير الشريف رقم1.04.22 المؤرخ في 03 فبراير 2004 المنشور بالجريدة الرسمية المغربية عدد 5184 بتاريخ 05/02/2004.

بعد التعرض لتعريفات الحضانة لغويا و في أحكام الشريعة الإسلامية و في بعض التشريعات العربية و جب التطرق لمعرفة لمن تكون الأولوية في حضانة الطفل ؟
و للإجابة عن هذا الإشكال نرجع لأحكام المادة: 64 من قانون الأسرة الجزائري و التي تقابلها المادة:154 و157 من قانون الأحوال الشخصية الأردني و المواد55 و57 من قانون الأحوال الشخصية العراقي و المادة:99 من مدونة الأحوال الشخصية المغربية القديمة المقابلة للمادة 171 من المدونة الجديدة، و لم تحدد مجلة الأحوال الشخصية التونسية ترتيبا لذوي الأولوية في الحضانة تاركة ذلك لتقدير القاضي تبعا لمصلحة المحضون.
ولقد كان نص المادة 64 من قانون الأسرة رقم:84-11 قبل التعديل ينص على ما يلي:
( الأم أولى بحضانة ولدها ، ثم أمها ، ثم الخالة ، ثم الأب ثم أم الأب ثم الأقربون درجة مع مراعاة مصلحة المحضون في كل ذلك ، و على القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة.) و بهذا الاعتباركان قانون الأسرة يجعل الأولوية للأم ثم لجهة النساء و جعل الأب في مرتبة أخيرة .
و هذه من المسائل المختلف فيها كذلك ، إذ أن إعطاء الأولوية للأم في مسألة الحضانة و ترجيحها ليس ترجيح تفضيل بل ترجيح رعاية ، فالأب عند من يرى تأخيره رجل مطالب بالإنفاق والإنفاق يقتضي السعي و الخروج من المنزل لتوفير حاجيات المحضون و في هذا حرج و تعارض إذ لا يستوي التفرغ لرعاية الطفل و الإنفاق عليه مع مقابلته و رعايته فضلا عن أن الطفل قبل سن العاشرة يحتاج إلى رعاية خاصة و حنان لا يتوفر كأصل عام إلا عند النساء بحكم الطبيعة و بعد سن العاشرة يحتاج إلى رعاية الأب حتى ينشأ منشأ الرجال ، فمصلحة الطفل تكون أوفر مع أمه عند صغر سنه قبل العاشرة من العمر و هي السن التي يؤمر فيها بالصلاة و يؤدب عليها ، و تكون مصلحته أوفر عند أبيه بعد هذه السن من باب القوامة و رقابة سلوكات الطفل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://droit-oran.forumalgerie.net
Admin
المدير
المدير
Admin


عدد المساهمات : 93
تاريخ التسجيل : 16/12/2010

 قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر     قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر   Emptyالأربعاء يونيو 01, 2011 4:09 pm

و على هذا الأساس كان قد فرض المشرع الجزائري فترتين من عمر الطفل كاجتهاد منه بجعل حضانة الولد الذكر تنتهي عند 10 سنوات (تقابلها مثلها المادة64 من الأحوال الشخصية الصومالي رقم:23 الصادر في 11/01/1975.) و الأنثى عند سن الزواج 18 سنة تبعا للنص القديم مع جواز تمديد هذه المدة للذكر لغاية بلوغه سن 16 سنة الذي يوافق سن التمييز في القانون المدني الجزائري إذا كانت الحاضنة أما لم تتزوج بغير ذي محرم وفقا للمادة 65 من قانون الأسرة الجزائري ، فتمديد مدة الحضانة مخول فقط للأم في القانون الجزائري رقم 84-11 دون سائر الحواضن ، إذ يجوز أن يخير المحضون بعد هذه السن مع من يكون و لا خيرة له قبل بلوغه سن التمييز.

وللإشارة فإن سن 16 سنة هذه ليس لها مصدر و لا أساس في الشريعة الإسلامية في جميع مذاهبها السنية و إنما هي محض اجتهاد تشريعي تبعا لمستوى تطور المجتمع ووعيه فالمميز قديما عند سن معينة ربما يكون لا يزال سفيها في زمننا، ذلك بأن سن التمييز الشرعي محدد فقط بسبع سنين و سند هذا الحديث النبوي الذي صح عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله: ( علموا أولادكم الصلاة على سبع و اضربوهم عليها على عشر و فرقوا بينهم في المضاجع.) و الصلاة لا تصح إلا مع التمييز فكان سن سبع سنين هو سن التمييز الشرعي بلا منازع.

و رأى قوم أن جهة الأب مقدمة على سائر النسوة بعد الأم ، و إنما كان تقديم الأم على الأب بسبب الأمومة لا بسبب الأنوثة ، قال المستشار عبد العزيز عامر مستشار محكمة استئناف القاهرة سابقا في كتابه عن الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية فقها و قضاء سابق الإشارة في الصفحة 228 : ( قال ابن القيم: إن هذا يدل على تقديم جهة الأبوة على جهة الأمومة في الحضانة ، و أن الأم إنما قدمت لكونها أنثى لا لتقديم جهتها على جهة الأبوة ، و قال تأييدا لترجيح جهة الأبوة في الحضانة : إن أصول الشرع و قواعده شاهدة على تقديم جهة الأب على جهة الأم ، و ذلك في الميراث وولاية النكاح و غير ذلك ، و لم يعهد في الشرع تقديم قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام) .
و قال الإمام عبد الوهاب الشعراني الشافعي في موسوعته الفقهية المقارنة المسماة ( الميزان الكبرى) الجزء 02 الصفحة 140 : ( قول أبي حنيفة في إحدى روايتيه إن الزوجين إذا افترقا و بينهما ولد فالأم أحق بالغلام حتى يستقل بنفسه في مطعمه و مشربه و ملبسه ووضوئه و استنجائه ثم الأب أحق به ، و الأم أحق بالأنثى إلى أن تبلغ و لا يخير واحد منهما و فصل اختلاف المذاهب في هذا الشأن مما يخرج بإيجازنا إلى الإطالة التي لا يكون مجالها المقالة.
و هذا في الواقع يقودنا إلى التساؤل عن الطبيعة القانونية للحضانة هل هي حق للحاضن أو للمحضون .
يرى الأستاذ مصطفى أحمد شلابي في كتابه ( أحكام الأسرة في الإسلام ): أن الصغير محتاج إلى الحضانة فهي في جانبه حق لأنه المنتفع بها ، و لأنه ليس أهلا للوجوب ، و أما الجانب الآخر و هو الحاضن فهو مكلف بعمل فهو أهل للوجوب عليه.
و على رأي الدكتور عبد الرحمن الصابوني في شرح قانون الأحوال الشخصية السوري إذا رجعنا إلى الفروع و المسائل الفقهية نجد اختلافا في الجواب يفهم منه أن الفقهاء لم يتفقوا على رأي معين و اختلاف العلماء رحمة:
فمن الفروع التي تفيد أن الحضانة حق للصغير :

가- إن الزوجة إذا خالعت زوجها على أن تتنازل عن حضانة الصغير كان الخلع صحيحا و الشرط باطلا لأن المخالعة حق للصغير لا يملك الزوجان التعاقد بشأنه و لا تملك الزوجة أن تسقطه.
나- إذا لم يكن للصغير سوى حاضنة معينة فإنها تجبر على حضانته و ليس لها الخيار في أمرها و ذلك لمصلحة الطفل المحضون و لحقه المترتب عن الحاضنة .
و من الفروع الفقهية التي تفيد أن الحضانة حق للحاضن:
가- إن المرضع إذا أرضعت الطفل المحضون و كانت غير حاضنته فيجب عليها أن ترضعه في بيت الحاضنة حفظا لحقها في حضانة الطفل المحضون.
나- لا يجوز للأب أن ينقل الطفل المحضون من البلد الذي تقيم فيه الحاضنة إلى بلد آخر و لو وجدت فيه حاضنة تلي الأم بالترتيب.
다- و كذلك ليس للأب أو القاضي نزع حضانة الصغير من حاضنة إذا توافرت أهلية الحضانة لديها لنقله إلى حاضنة أخرى تليها بالقرابة و الترتيب لأن حق الحضانة للأولى ثابت شرعا و لا يجوز أن ينقل لغيرها إلا لسبب.
و لهذا يمكن القول أن حق الحضانة هو حق الطفل المحضون و حق الحاضنة معا مع مراعاة مصلحة الطفل الصغير ، بمعنى أنه من الحقوق المشتركة و لتعلقه بحق الطفل جعله المشرع الجزائري مرتبطا بالنظام العام ، مما يجعل مراعاة مصلحة المحضون مقدمة على كل اعتبار آخر حين التنازع أمام القضاء.

من تم نجد أن الاجتهاد القضائي يميل إلى اعتبار الحضانة حقا يجوز التنازل عنه فلو كانت واجبا لما جاز أن تتنازل عنها بل تلزم بها ، و سند هذا أحكام المادة: 66 من قانون الأسرة التي جعلت الحضانة تسقط بالتنازل عنها ما لم تضر بمصلحة المحضون، و يبقى تقدير المصلحة للقضاء كمسألة موضوع لا مسألة قانون و بالتالي لا يخضع فيها القاضي لرقابة المحكمة العليا ، و هو نفس الاجتهاد الذي ذهبت إليه بعض الاجتهادات القضائية العربية على مدار سنوات طويلة كمحكمة النقض السورية في قرارها الصادر بتاريخ:16/05/1954 الذي جاء فيه أن : ( الحضانة حق للصغير من وجه و للحاضنة من وجه و أن حق الصغير فيها أظهر لذلك كان للأم بعد التنازل عنها الرجوع إلى طلبها.)

و لما كانت الحضانة من الحقوق المشتركة بين القائم بالحضانــــــة و المحضون و مرتبطة بالنظام العام وجب أن تراعى شروطا لأهلية الحاضن تضمن رعايته نص عليها الفقه و لم يحددها التشريع الجزائري لا في نص القانون القديم و لا في نص المشروع التمهيدي الجديد لأن اللجنة الوطنية لمراجعة قانون الأسرة لم تنهي بعد أشغالها بسبب أنها لم تقم بمسح كلي لكل المواد و إنما ما تم هو مسح جزئي لبعض المواد و قانون الأسرة يحتوي على 224 مادة لم نصل إلى منتهاها.
و من تم فإنـــه في أحكام المادة:62/2 من قانون الأسرة اكتفى المشرع الجزائري بالقول : ( يشترط في الحاضن أن يكون أهلا للقيام بذلك.) ،كما أكتفى في نص المادة:67 من نفس القانون بأنه تسقط الحضانة باختلال أحد الشروط المرعية شرعا في المادة 62 أعلاه و بمراجعة المادة:62/1 نجدها تنص على ما يلي: ( الحضانة هي رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته على دين أبيه و السهر على حمايته و حفظه صحة و خلقا) فبمفهوم المخالفة ما يعارض هذه المقاصد يعتبر من مسقطات الحضانة ، و من هذا المنطلق وجب إعمال المادة:222 من قانون الأسرة في إحالتها على أحكام الشريعة الإسلامية فيما لم يرد فيه نص قانون.
و من تم يرى الفقيه الأستاذ محمد مصطفى شلبي : لما كان الغرض من الحضانة تحقيق المصلحة للطفل و دفع كل ما يلحق به الضرر يشترط في الحاضنة من النساء و الحاضن من الرجال صفات معينة بها تتحقق الأهلية للحضانة ، فإن اختلت واحدة منها في شخص سقط حقه فيها و انتقل إلى ما يليه:

شروط أهلية النساء للحضانة:
가- أن تكون بالغة لأن غير البالغة و لو كانت مميزة لا تستطيع أن تقوم بشؤونها كلها فكيف يوكل إليها القيام بشؤون غيرها.
나- أن تكون عاقلة لأن غير العاقلة لا تحسن القيام على شؤون الصغير لعدم معرفتها ما ينفعه بل يخشى عليه الضرر منها فلا تكون أهلا للحضانة.
다- أن تكون قادرة على القيام بما تتطلبه الحضانة من أعمال ، فلو كانت عاجزة عن ذلك لكبر سن أو مرض أو عاهة تحول بينها و بين أداء وظيفتها كالعمى لم تكن أهلا للحضانة ، و كذلك لو كانت قادرة على أعمال الحضانة و لكنها مريضة مرضا يخشى على حياة الطفل منه لا تكون أهلا لها و لو كانت محترفة لحرفة تحول بينها و بين رعاية الصغير لا يكون لها حق في الحضانة ، أما إذا كان عملها لا يمنعها من رعايته بأن تتمكن من التوفيق بين عملها و ما تتطلبه الحضانة لا يسقط حقها فيها .
라- أن تكون أمينة على أخلاق الصغير ، فإن كانت فاسقة كاحترافها الرقص أو السرقة أو ارتكاب الفاحشة فإنه يسقط حقها في الحضانة بأحد أمرين: عدم قيامها بشؤون الطفل و إهماله و الخوف على أخلاق الصغير أن تتأثر بها ، فإن لم يوجد شئ منهما لا يسقط حقها فيها.
마- أن لا تكون متزوجة بغير ذي رحم محرم من الصغير ، بأن تكون غير متزوجة أو متزوجة بقريب محرم منه كعمه أو جده مثلا ، فإن كانت متزوجة من أجنبي أو قريب غير محرم كابن عمه أو من محرم غير قريب كأخيه من الرضاعة سقط حقها في الحضانة، لأن الغالب في هؤلاء أن لا يعطفوا على الصغير كعطف قريبه المحرم، و يزيد الأجنبي أنه يبغضه و يقسو عليه ، لأن الزوج غالبا مـــا لا يحب ابن زوجته فينشأ الطفل في جو يسوده البغض و الكراهية فيتعقد نفسيا .

شروط أهلية الحضانة للرجال: قال الفقهاء يشترط في الحاضن من الرجال أن يكون بالغا عاقلا قادرا على القيام بمصالح الصغير أمينا على تربيته كما يشترط في النساء.
و يزاد على ذلك:أن يتحد مع المحضون في الدين ، لأن الحضانة نوع من الولاية على النفس و لا ولاية مع اختلاف الدين ، و لأن حق الرجال في الحضانة مبني على الميراث ، و لا توارث مع اختلاف الدين ، فلو كان للصغير قريبان في درجة واحدة واختلفوا في الدين تكون الحضانة لمن يوافقه في الدين.


مدة الحضانة :
يقول الدكتور عبد الرحمن الصابوني في شرح قانون الأحوال الشخصية السوري تبدأ حضانة الطفل منذ ولادته و تنتهي عند قدرته على القيام بحاجاته الضرورية كالطعام و الشراب و يمر الصغير من صغره إلى كبره بمرحلتين:

가- مرحلة الحضانة و هي الفترة التي يحتاج فيها الطفل إلى رعاية و خدمة لا يحسنها إلا النساء عادة .
나- مرحلة انتقال الطفل إلى وليه و هي الفترة التي يحتاج فيها المحضون إلى من يقوم على تربيته و تعليمه و حفظه و صيانته على دين أبيه .
و في كل هذا و ذاك يجب مراعاة مصلحة الطفل كما أسلفنا ، حيث اتفق الفقهاء على أن الفترة الأولى من عمر الطفل يجب أن يكون عند أمه و قد دلت على هذا أحاديث كثيرة منها قول النبي عليه الصلاة و الــــسلام: ( لسائل سأله من أحق الناس بصحبتي في حديث مشهور: أمك ثم أمك ثم أبوك….) و كذلك قضى أبو بكر الصديق رضي الله عنه على عمر بن الخطاب بأن يكون ابنه عاصم لدى أمه المطلقة لأنها أحق به.
زيادة على قول النبي صلى الله عليه و سلمSad أنت أحق به ما لم تتزوجي )،و لقد ورد في القرآن الكريم: ( و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاع .) و الغرض من ذكر الأم ليس حاجته للرضاعة والحليب فقط فهذا أمر يمكن أن يستغنى فيه عن الأم سيما في وقتنا الحاضر إنما الهدف أن يكون الطفل في حضن أمه لحكمة ربانية و مراعاة للصحة النفسية للمحضون.

إذ أنه فيما يخص تحديد فترة عمر الطفل الأولى الــتي يحتاج فيها لأمه و الفترة الثانـــــية التي يحتاج فيها لأبيه المسألة تبقى خلافـية بين الفقهاء و الدارسين ، و تبقى مسألة حسم الرأي لمناقشة نواب الأمة في البرلمان بغرفتيه العليا و السفلى فهم أهل الحل و العقد و إنما نحن مستشـارون والمستشار مؤتمن و قد أدينا الأمانة و اجتهدنا في أدائها خدمة للأمة و الوطن فإن أصبنا فبتوفيق من الله و إن أخطأنا فمن أنفسنا ، و لهذا قــلت و أقول دائما لنتعاون فيما اتفقنا عليه و ليعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه ، فالمراد عند الجميع إذا حملنا حال الناس على الصلاح هو خير الجزائر وبناء قوتها.

المادة 67 : تسقط الحضانة باختلال أحد الشروط المرعية شرعا في المادة 62 أعلاه.
و لا يمكن أن يشكل عمل المرأة سببا من أسباب سقوط الحضانة.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب المرفقة بالمشروع الذي صادقت عليه الحكومة أن التعديل المقترح لهذه المادة يهدف إلى التأكيد أن عمل المرأة لا يمكن أن يشكل سببا من أسباب سقوط الحضانة، و ذلك تماشيا مع تطور المجتمع و حماية حق المرأة في حضانة أبنائها و حقها في العمل.


التعليق:
الفقرة الأولى من المادة 67 واضحة و لا تحتاج إلى تعليق و لا إلى شرح أكثر مما أسلفنا لكن الفقرة الثانية هي التي تثير جدلا محتدما ونقاش ساخن تقتضي الوقوف عندها و عرض دواعيها
و الواقع أن أحكام هذه الفقرة الثانية تتعلق بحالة أصبحت ظاهرة هي وليدة الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا و المحاكم و المجالس ، ذلك بأن الأباء أصبحوا يطالبون الزوجات المطلقات الحواضن بإسقاط الحضانة عنهن كلما علموا أن المطلقة أو غيرها من الحواضن تعمل خارج البيت ، والأب بدوره مطالب بالنفقة والخروج إلى العمل ، فليس من الحق و العدل أن يؤخذ الولد من أمه و تكون زوجة أبيه أولى به ممن ولدته و حملته وهنا على وهن أو ممن هي أقرب إليه كالخالة والجدة بسبب العمل خارج البيت ، فالأب لا يؤدي للحاضنة أجرة حضانة في التشريع الجزائري رغم ثبوت هذا الحق شرعا عند جميع المذاهب الفقهية على مدار تاريخ الفقه الإسلامي، وإذا كانت الحاضنة هي المطلقة فالأب ينفق على ولده لا على طليقته، فحق لها دستوريا وواقعيا من هذا الوجه أن تعمل و تكتسب للتعيش بشرف مثلما كانت زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل زواجها منه : أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تعمل في التجارة و الأمثلة كثيرة لا تقع تحت حصر.
و قد تضع المطلقة الحاضنة العاملة ابنها مؤقتا في دار حضانة مدرسية أو قرآنية ( الكتّاب) ثم تعود لأخذ طفلها بعد انقضاء ساعات عملها ، فلا عبرة حينئذ بطلب الأب إسقاط حضانة الحاضنة بسبب العمل إلا إذا تبين للقاضي بعد خبرة اجتماعية فردية أو جماعية يعينها بحكم تمهيدي أن مصلحة المحضون في خطر مادي أو معنوي أو أنه مهمل هنا فقط يكون التقدير للقاضي على أساس معيار مصلحة المحضون المرتبطة دوما بالنظام العام ، و قد يسقط الحضانة عن الحاضـــنة و يعين من يليها في الدرجة طبقا للشرع و للقانون مع مراعاة مصلحة المحضون دائما ، و كان اقتراحنا شخصيا في الفوج الثالث للجنة الوطنية لمراجعة قانون الأسرة في شهر مارس 2004 ووافقني الرأي كثير من الأعضاء أنه لا يمكن أن يشكل عمل المرأة سببا من أسباب سقوط الحضانة إلا إذا تعارض ذلك مع مصلحة المحضون ، و من تم أوصي السادة نواب الشعب و الأمة بإضافة هذا القيد حين مناقشة المشروع و مناقشة المادة 67 المعدلة.
أما عن عمل المرأة كأصل عام فيمكن تفصيله أكثر و تأليف الصحائف فيه، ذلك بأن المقرر شرعا و قانونا أنه من حق الزوجة أن تعمل إلا إذا أثبت الزوج إثباتا قاطعا للشك باليقين أن الزوجة أخلت بواجباتها الأسرية و عرضت أطفالها للخطر سواء كان العمل شرطا من الزوجة في العقد أول الزواج أو لم يكن طبقا لأحكام المادة 19 من قانون الاسرة رقم:84-11، فحين يمتد الخطر إلى الحياة الأسرية و الأطفال هنا فقط للزوج أن يمنع زوجته عن العمل و يضمن لها بالمقابل نفقتها و نفقة أولادها تبعا للأصل المتبع بسد الذرائع ودرء المفاسد ، سيما إذا كان الزوج معسرا و اختارت الزوجة طلب التفريق بالإعسار.
و لقد ذهب إلى عدم التفريق بالإعسار من الأئــــمة و التابعين عطاء و الزهري و ابن شبرمة و هو مذهب الحنفية و الثوري و آخرين قالوا فيما ذكره الإمام محمود محمد شلتوت في مقارنة المذاهب في الفقــه: يلزم المرأة الصبر و تتفرق نفقتها بذمته و ترفع يده عنها لتكتسب أي لتعمل .
ذاك مـــن جهة و من جهة أخرى فإن حق الزوجة في العمل ثابت بضوابطه الشرعية وبضوابطه القانونية بموجب أحكام المواد 10 الفقرة أ و 11 سيما المادة 16 الفقرة ( ز) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المنعقدة برعاية الأمم المتحدة سنة 1979 و التي انضمت إليها الجزائر مع التحفظ على المادة 16 في 22/01/1996 بموجب المرسوم الرئاسي رقم: 96-51 المنشور بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد:06/96 ، و هنا أذكر للتأكيد و الإشارة و التنويه أنه كان من أهم توصيات الملتقى الوطني حول قانون الأسرة المنعقد بمشاركة 15 جامعة جزائرية في تخصصات الشريعة و القانون وبحضور ممثلي وزارة العدل و أعضاء من لجنة مراجعة قانون الأسرة بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة أيام 06/07/08 مارس 2004 : الحرص على مبدأ التحفظ في الانضمام إلى الاتفاقيات و المعاهدات الدولية بالتحفظ على ما لا يتماشى مع أو يـــخالف أحكام الشريعة الإسلامية و النظام العام في الجزائر هذا من جهة.
و من جهة أخرى في مجال حق المطلقة الحاضنة أو غيرها من الحاضنات في العمل فإن المقرر دستوريا طبقا لأحكام المادة 132 من دستور 28/11/1996 سمو المعاهدات على القانون و بالتالي فحق الزوجة في العمل مؤكد بالاتفاقية الدولية السالفة وبحكم الشرع على رأي بعض الفقه و العمل في حد ذاته نبل و شرف و ليس بعيب و دون حاجة إلى معاهدات دولية تسمو على القانون فالدستور باعتباره التشريع الأعلى للبلاد يقرر في مادته 55 أن لكل المواطنين الحق في العمل و بالتالي فرغبة بعض الأزواج في توقيف زوجاتهم عن العمل يعتبر تعسف في استعمال الحق بمفهوم المادة 41 من القانون المدني ، باستثناء إذا كان العمل الذي تختاره المرأة مخالفا للنظام العام و الآداب العامة و أحكام الشريعة الإسلامية كبائعة للخمور والهوى في الملاهي الليلية أو راقصة في منتزهات الفنادق السياحية أو محترفة ذعارة لأن مثل هذه المهن غير مقبولة ديانة وعُرفا.
ولقيمة العمل في القوانين و في الدين فإن عمل المرأة المطلقة الحاضنة لا يمنع ولا يسقط حق الحاضنة في حضانة أولادها إلا إذا أدى إلى إهمال المحضونين و تضررهم أدبيا و ماديا ، فتبقى دائما مصلحة المحضون هي المقياس ، فكل عاملة حاضنة و المحضون بخير لا يضرها عملها و كل عاملة محضونها متضرر تسقط عنها الحضانة و تنتقل إلى من يليها في الدرجة مراعاة لمصلحة المحضون ، لأن حريتها الشخصية تتقيد بمصلحة المحضون المرتبطة بالنظام العام.


المادة 80 مكرر: يُنشأ طبقا للشروط و الكيفيات المحددة في التشريع المعمول به صندوق عمومي لدفع النفقة الغذائية بما فيها أجرة السكن التي يبقى تحصيلها بطرق التنفيذ القانونية دون جدوى.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب المرفقة بهذه المادة ، أنها تنص على إنشاء صندوق عمومي لدفع النفقة الغذائية بما فيها أجرة السكن التي بقي تحصيلها بطرق التنفيذ القانونية دون جدوى.
و أنه بما أن المتضرر من عدم دفع النفقة هم أولا و قبل كل شيء الأطفال، كان لا بد من إيجاد آلية جديدة تمكن من دفع هذه النفقة و جعل الأطفال في منأى عن الحاجة ، و هي الطريقة المعتمدة في العديد من الدول و لا سيما فرنسا و تونس و مصر ، و للإشارة فإن هذه المادة تنص على أن إنشاء مثل هذا الصندوق يتم وفقا للتشريع المعمول به ، حيث بالرجوع إلى هذا التشريع و لا سيما القانون رقم:84-17 المتعلق بقوانين المالية ، نجده ينص على أن إنشاء مثل هذه الصناديق يتم بموجب قانون المالية.

المادة 80 مكرر 01: دون الإخلال بالتشريع المعمول به ، يمكن دفع كل نفقة غذائية بما فيه أجرة المسكن المحددة بموجب حكم قضائي نهائي تعذر تحصيلها الكلي أو الجزئي بالطرق القانونية ، من قبل الصندوق المنشأ بموجب المادة 80 مكرر من هذا القانون.
تحل الخزينة العمومية بقوة القانون محل الدائن الذي استفاد من إجراء الدفع المنصوص عليه في هذه المادة.
فضلا عن طرق التنفيذ الأخرى ، يمكن لوكيل الخزينة الاقتطاع من حساب المدين.
تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.

عرض الأسباب: جاء في عرض الأسباب المرفقة بالمادة 80 مكرر 01 أن هذه المادة تضع عدة شروط للإستفادة من دفع النفقة من قبل الصندوق لا سيما وجود حكم قضائي نهائي يتضمن دفع النفقة و تعذر تحصيلها الكلي أو الجزئي بطرق التنفيذ القانونية العادية.
بالإضافة إلى ذلك تم النص على أن تحل الخزينة العمومية بقوة القانون محل الدائن بالنفقة و يمكنها أن تقوم أيضا بالاقتطاع التلقائي من حساب المدين بالنفقة .
و تحيل هذه المادة على التنظيم لتحديد كيفيات تطبيقها.


التعليق:
كان موضوع إنشاء صندوق خاص بالنفقات موضوع إجماع في الــلجنة الوطنية لمراجعة قانون الأسرة و كان الإقتراح الأول أن تكون مادة إنشاء صندوق النفقة تبدأ من المادة 78 مكرر ، غير أنها بعد تعديل الحكومة أصبحت المادة 80 مكرر و 80 مكرر 01 و الواقع أن الفوج الثالث تحديدا في اللجنة كان متقدما على سائر الأفواج الثلاثة الأخرى في المناقشات، ولقد كنت شخصيا قد قدمت إقتراحا مكتوبا لأعضاء الفوج يتضمن إنشاء صندوق النفقة في شكل تعديل للمادة 78 كما سيأتي بيانه باعتبار أن صندوق النفقة كان من بين توصيات و نتائج رسالتي لنيل شهادة الماجستير في مجال الأحوال الشخصية على مدار 10 سنوات كاملة من البحث قبل تسجيلي في دكتوراه القانون الخاص ، و كانت الاقتراحات التي تم توزيعها على الفوج الثالث بالصيغة التالية:
المادة 78 مكرّر:
يُنشأ صندوق للنفقة لتمكين الزوجات و المطلقات و الأبناء و الأصول العجزة من النفقات المستحقة المحكوم بها بموجب حكم معجل النفاذ أو حكم قطعي حائز قوة الشيء المقضي به، في الحالات التالية:
- عند إعسار المطالـَبِ بالنفقة غير الناتج إعساره عن السكر أو سوء السلوك بمفهوم المادة 331 من قانون العقوبات.
- عند ثبوت غياب المحكوم عليه بالنفقة بغير عذر وبلا نفقة ، أو ثبوت فقدانه بحكم بات أو ثبوت موته حقيقة أو حكما و لم تكن له تركة أو لم تقسم تركته أو كان وارثا على الشيوع و نصيبه لم يفرز يسدد الصندوق النفقة مؤقتا لحين الفـــرز و التقسيم و تكون مستحقات الصندوق دينا ممتازا قبل تقسيم التركة على الورثة.
- و لكل شخص لا والد له ولا ولد ولا قدرة له على الكسب.

المادة 78 مكرّر01:
تنظر الدعوى المتعلقة بالنفقات على وجه السرعة ، و لطالب النفقة الحق في أن يستصدر أمرا من المحكمة المنظور أمامها الدعوى بتقدير نفقة وقتية له مع مراعاة أحكام الفقرة 01 من المادة 40 من قانون الإجراءات المدنية.
وأحكام النفقات لا تقبل الاستشكال في تنفيذها طبقا للمادة 183 من قانون الإجراءات المدنية.

المادة 78 مكرّر 02:
يقوم الصندوق العمومي للنفقة بصرف الديون المستحقة للأشخاص المذكورين في المادة 78 مكرر أعلاه متى طلب أي من هؤلاء ذلك اعتبارا من تاريخ صدور الحكم و عن مدة لا تتجاوز 20 يوما سابقة عن تقديم الطلب مرفقا بالنسخة التنفيذية للأمر أو الحكم أو القرار القضائي ، و ما يدل على تمام إجراءات التنفيذ المقررة قانونا و بقائها بدون جدوى بلا تنفيذ بموجب عقد غير قضائي محرر على يد المحضر القضائي ، و يكون الوفاء من أحد فروع الصندوق إن وجدت أو من مقره المركزي.

المادة 78 مكرّر 03:
يـجوز للمحضرين والقائمين على التنفيذ بمقتضى أحكام القانون 91-03 و بموجب أمر من رئيس المحكمة المختص الحجز على مرتبات العاملين أو أجورهم أو معاشاتهم إذا كانت قيمتها تزيد عن الحد الأدنى المضمون للأجور وإذا كانوا مطالبين بسند قضائي معجل النفاذ أو نهائي في حدود 40 % من المرتب أو الأجر أو المعاش و ما في حكمه وفقا للنسب التالية:
- 25 % للزوجة أو المطلقة على أن يوزع هذا القدر بينهن في حالة التعدد بنسبة ما حكم به لكل منهن.
-35 % للابن الواحد أو أكثر على أن يوزع بينهم بنسبة ما حكم به لكل منهم.
- 40 % للأبوين و إن علوا .
و يتولى صندوق النفقة دفع 60% الباقية إذا كان المرتب أو الأجر أو المعاش يقل عن ضعف الحد الأدنى للأجور ، و يقوم بدفع مبلغ النفقة كاملا إذا كان دخل المطالب بالنفقة يقل عن الحد الأدنى المضمون للأجور أو لا دخل له لعجز صحي دائم.

المادة 78 مكرّر04:
يجب على كل محكوم عليه بالنفقة نهائيا أو بسند قضائي معجل النفاذ إيداع دين النفقة دون تأخير بخزانة الصندوق أو أحد فروعه الواقعة في دائرة اختصاص المجلس القضائي لمحل إقامته في الأسبوع الأول من كل شهر متى قام الصندوق بإلزامه بالدفع برسالة موصى عليها أو بعقد غير قضائي ، و يحق للصندوق استيفاء هذه المبالغ بطريق الحجز الإداري على أموال المحكوم عليه و ملاحقته بكل الطرق القانونية ، و لا تسقط حقوق الصندوق إلا بمرور 33 سنة كاملة.
تحظى حقوق الصندوق و مستحقاته بالامتياز دائما على سائر الديون المترتبة في ذمة المحكوم عليه.

المادة 78 مكرّر 05:
يجوز للمؤسسات العمومية و الخاصة و الإدارات خصم المبالغ الجائز الحجز عليها وفقا للمادة 78 مكرر03 أعلاه و إيداعها بالصندوق بمجرد طلبه ذلك مرفقا بإرسال نسخة طبق الأصل من الصيغة التنفيذية للأمر أو الحكم أو القرار القضائي و ما يفيد تمام إجراءات الإلزام بالدفع.

المادة 78 مكرّر06:
إذا تزاحمت ديون النفقات يكون ترتيب أولوية الاقتطاع من مداخيل المحكوم عليه كالتالي:
• دين نفقة الزوجة أو المطلقة و إن تعددن.
• نفقة الأبناء.
• نفقة الأقارب.
• الديون الأخرى التي لا يضمن الصندوق إتمام نسبتها الباقية بمقتضى أحكام المادة 78 مكرر03 أعلاه.

المادة 78 مكرّر 07: أحكام جزائية:
أي تحايل على صندوق النفقة يهدف إلى الحصول على مبالغ من الصندوق بالغش أو التدليس أو التزوير تنفيذا لأمر أو حكم أو قرار قضائي مما نص عليه قانونا و صدر بناء على إجراءات أو أدلة صورية أو مصطنعة تشكّل:
جناية تبديد أموال عمومية مخصصة و يعاقب عليها بالسجن من 05 سنوات إلى 20 سنة ما لم يشكل التحايل جريمة أشد و دون إخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات.

المادة 78 مكرّر 08 :
لصندوق النفقات الشخصية المعنوية ، و له الحق في رفع دعوى رجوع على المدين بالنفقات لإلزامه بالتسديد جملة واحدة أو بالتقسيط تبعا لحاله ، أو رفع دعاوى غير مباشرة بمقتضى المادتين 189 و 190 من القانون المدني لاستيفاء الحقوق المالية للمدين المترتبة في ذمة الغير مع مراعاة أحكام القانون الأساسي لصندوق النفقات و نظامه الداخلي).
غير أن من بين التعديلات التي أدخلتها الحكومة على المشروع التمهيدي لقانون الأسرة الجديد عدم ذكر كل هذه التفاصيل بحذفها و الاكتفاء بما ورد في المادتين 80 مكرر و 80 مكرر 01 .
و سبب هذا الاكتفاء و الاستغناء عن باقي التفاصيل كما بلغنا فيما بعد ، هو أن قانون الأسرة رقم 84-11 لا ينبغي له النص على كافة تفاصيل أحكام صندوق النفقات بل ذلك متروك لطريق التنظيم لحين صدور المرسوم الخاص بإنشائه من طرف السيد وزير المالية تطبيقا لأحكام القانون رقم:84-17 المتعلق بقوانين المالية ، و للأمانة يوم تبادلنا الآراء حول أحكام صندوق النفقة بالفوج الثالث نبهتنا لهذه النقطة بالتصحيح والتوضيح أستاذة فاضلة و زميلة محترمة عضو باللجنة و هي مستشارة مكلفة بالدراسات و التخليص لدى مكتب السيدة وزيرة الأسرة ، و لم نختلف في الحقيقة اختلاف تضاد بل ارتأينا التفصيل كما سلف بيانه أعلاه ، و حتى إن لم تصدر التفاصيل في المشروع التمهيدي الرسمي لقانون الأسرة يستأنس بالتفاصيل حين إصدار المرسوم التنفيذي الخاص بإنشاء صندوق النفقة ، و لم نطل النقاش في هذه النقطة التي لم تصل إليها سائر الأفواج على أمل استكمال الأشغال لاحقا دون تحديد تاريخ معين ، لأن قانون الأسرة رقم 84-11 محل اقتراحات التعديل يحتوي على 224 مادة و نحن في اللجنة لم نستكمل المسح الشامل لكافة مواد القانون و إنما أنهينا المناقشات الأولية جـزئيا، و حتى المشروع الذي بين أيدينا ليس قانون أسرة جديد كامل و متكامل إنما هو مشروع تعديل جزئي ، فوجب إنارة الرأي العام الوطني بهذه الحقائق لأنها واقع كان قائما و قلتها من قبل و أكررها في هذا المقام العلمي : ( ما شهدنا إلا بما علمنا و ما كنا للغيب حافظين ).
و مسألة النفقة كانت قد حددت المادة 78 من قانون الأسرة رقم:84-11 مشتملاتها بأنها تشمـل نفقة الغذاء و الكسوة و العلاج و السكن أو أجرته و ما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة ، لكن مشتملات النفقة في الشريعة الإسلامية أوسع من هذا ولقد ورد عمليا في الاجتهاد القضائي إغفال شبه تام لباقي مشتملات النفقة الشرعية و التي منها أجرة الرضاع إلى حين الفطام و أجرة الحضانة رغم أنها ممكن إدخالها في عموم المادة 78 الذي ينص على كل ما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة لكن عمليا حين يطلبه المتقاضين يتم رفضه لعدم التأسيس بسبب عدم نص القانون عليه.
و لما كان عجز الأزواج المعسرين عن دفع النفقات يؤدي إلى انقطاع المحضونين عن التمدرس ، وسجن آبائهم عن جنحة عدم دفع النفقة يؤدي إلى طردهم من العمل بسبب ترك منصب العمل و الإدانة الجزائية، فتنخرب البيوت وتتشرد العائلات و يختل ميزان الأمن العمومي و النظام العام ، فتـنمو الجريمة و الانحرافات الأخلاقية.
و من تم رأينا في الفوج الثالث للجنة الوطنية لمراجعة قانون الأسرة اقتراح مواد تتضمن خلق نمط بنكي جديد على غرار بنك جمال عبد الناصر بمصر الذي سمي في تعديل أحكامه مؤخرا هذا العام 2004 بصندوق تأمين العائلة كصندوق تضامن لنفقة المعسرين مع ضرورة تقنين أحكام الإعسار في القانون المدني الجزائري لأن القانون المدني الجزائري لم ينص إطلاقا على أحكام الإعسار رغم ورود النص على الإعسار في قانون العقوبات في المادة 331 و في قانون الإجـراءات الجزائية في المادة 603 و في قانون الإجراءات المدنية بصدد طلب مهلة الوفاء حال الإعسار إلى غاية سنة واحدة ، و الذي اقترحته كتابيا و ووافقني فيه البعض من الدارسين أن يــــكون الصندوق العمومي للنفقة تكون موارده من أموال الزكاة و التبرعات و جزء من الضرائب و الرسوم حتى و إن اقتضى الحال إضافة رسوم إلى اســـــتخراج وثائق الحالة المدنية الكثيرة الاستعمال و تخصص هذه العائدات لصندوق النفقة الذي يكون تحت إشراف مشترك من وزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية.
وكان الاقـــتراح يتضمن إنشاء صندوق خاص يصدر نظامه الداخلي و قانونه الأساسي بموجب المادة 48 من القانون 84-17 المتعلق بقوانين المالية ومـصادر تمويله تتضمن تخصيص جزء من الضرائب و أموال الزكاة كتبرعات و إن اقتضى الأمر كذلك إجراء اقتطاعات رمزية من أجور العمال الذين يجاوز دخلهم 03 مرات الحد الأدنى المضمون للأجور من باب التضامن الوطني، مع الإشارة إلى أن دولتين عربيتين فــــــقط قامتا بتطبيق هذه التــــجربة و همــــا تونس الشقيقة و جمهورية مصر العربية و تجري التحضيرات في المملكة المغربية لإضافة صندوق النفقة إلى المدونة المغربية الجديدة، و مثله تقريبا معمول به بفرنسا.
ولقد حاولت اللجنة حين تحضير تقنين أحكام صندوق النفقة الاستفادة من نصوص القانون رقم 62 لسنة 1976 المصري المعدل و المتمم في جانفي سنة 2004 و الأمر رقم:65 لسنة 1993 المؤرخ في 05/07/1993 التونسي المتعلق بإحداث صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق المنشور بالرائد الرسمي العدد 50 بتاريخ 06/07/1993 ، و كذا الأمر رقم 1655 لسنة 1993 المؤرخ في 09/08/1993 التونسي المتعلق بإجراءات تدخل صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق المنشور بالرائد الرسمي العدد 62 بتاريخ 20/08/1993 بالصفحة 1302.
كما حاولنا سد ثغرات كل من التشريع التونسي والمصري بما يتوائم مع الوضع العام والخاص الجزائري .
و تفاديا للتحايل على صندوق النفقة من أجل استنزافه من باب الإثراء بلا سبب رأينا اقتراح تقنين مادة تتضمن أحكام جزائية رادعة هي المادة 78 مكرر 07 بجعل التحايل و التزوير على الصندوق يعتبر جناية تبديد أموال عمومية مخصصة Detournement de fonds publiques affectes وبعقوبة صارمة لتحقيق الردع العام ، و إن كانت هذه الأحكام لم تظهر في المشروع التمهيدي الرسمي الذي جرى عرضه على الحكومة للمصادقة عليه في 19/08/2004 فإنه من المنتظر و المتوقع أن تصدر أحكامه عن طريق التنظيم بنص خاص بموجب القانون 84-17 كما سبقت الإشارة.
و كان بعض أعضاء اللجنة من الفوج الثالث عارض ورود أحكام جزائية ضمن الحديث عن إنشاء صندوق النفقة لأن مجال الأحكام الجزائية هو قانون العقوبات وحده ، غير أن هذا الرأي كان مردودا عليه لأن الأحكام الجزائية يجوز أن تكون ملحقة بكل قانون خاص و النماذج كثيرة لا تقع تحت حصر، وليس من الابتداع تقنين أحكام جزائية تتعلق بحماية المال العام المخصص لصندوق النفقة فالدول الشقيقة التي سبقتنا إلى تقنين صندوق للنفقة وضعت هي بدورها أحكام جزائية دون أي إشكال ، فالقانون المصري رقم:62 لسنة 1976 قنن أحكام جزائية في المادة 10 منه و القانون رقم:65 لسنة 1993 التونسي في أحكام الفصل 09 قنن كذلك أحكام جزائيــة ، و بالتالي لا ضرر و لا ضرار من تقنين أحكام جزائية خاصة ضمن أي قانون خاص خارج نطاق قانون العقوبات كما هو الحال في الأحكام الجزائية للقانون التجاري والقانون البحري و قانون الجمارك ، فكل هذه وغيرها قوانين خاصة تتضمن أحكام جزائية خاصة .
و من جملة ما تضمنته اقتراحات أحكام صندوق النفقة الجزائري الجديدة التي وزعت على الفوج الثالث تحديدا و الذي كان متقدما على سائر الأفواج الأربعة أن حقوق الصندوق لا تتقادم إلا بمرور 33 سنة قياسا على أبعد آجال التقادم المسقط في القانون المدني الجزائري وهي 33 سنة في تقادم حقوق الإرث ، لأن المعسر قد تنتقل إلى ذمته المالية أموال فيتحول من الإعسار إلى اليسار و قد لا يقع ذلك إلا بعد 30 أو حتى 33 سنة طالما كانت آجال تقادم المواريث في التشريع الجزائري هي 33 سنة فوجب أخذ ذلك بعين الاعتبار ليكون التشريع الجزائري متكاملا فضلا عن أن هذا أضمن لحقوق الصندوق كدائن ممتاز.

و من تم نبقى ننتظر بأمل كبير صدور نص تشريعي خاص بإنشاء صندوق النفقة لا يتأخر عن المشروع التمهيدي لقانون الأسرة الجديد، لأن بعض التشريعات صدرت و أحالت للتنظيم و لم يصدر بعد ذلك أي نص تشريعي عن طريق التنظيم و من ثم تبقى مهمة السادة نواب الشعب كبيرة جدا و حتى يتضح المقال بالمثال أذكر أهل الاختصاص بأحكام المرسوم التشريعي رقم:93-03 المؤرخ في 01/03/1993 المتعلق بالنشاط العقاري و الذي مضى عن صدوره حتى الآن أزيد من 11 سنة كاملة نص في مادته 21 حرفيا على ما يلي:
( تجسد العلاقات بين المؤجرين و المستأجرين وجوبا في عقد إيجار طبقا للنموذج الذي يحدد عن طريق التنظيم و يحرر كتابيا بتاريخ مسمى.
يعاقب المؤجر إذا خالف هذا الواجب ، طبقا للأحكام التشريعية المعمول بها.
و من جهة أخرى ، و دون المساس بالعقوبات التي يتعرض لها المؤجر بسبب انعدام العقد ، فإن أي وصل يحوزه شاغل الأمكنة يخوله الحق في عقد الإيجار لمدة سنة ابتداء من تاريخ معاينة المخالفة) ، و لقد انتظرنا بعد صدور هذا النص ما يجود به التنظيم من أحكام وفق إحالة المادة 21 السالفة فلم يطل الانتظار أكثر من سنة إذ صدر المرسوم التنفيذي رقم: 94-69 المؤرخ في 19 مارس 1994 المتضمن المصادقة على نموذج عقد الإيجار المنصوص عليه في المادة 21 من المرسوم التشريعي رقم:93-03 المؤرخ في 01/03/1993 و المتعلق بالنشاط العقاري ، غير أنه لا المرسوم التنفيذي هذا و لا التعديلات المدخلة منذ ذلك الحين على قانون العقوبات ذكرت أي عقوبة للإخلال بأحكام المادة 21 من قانون النشاط العقاري و استمر الحال عالقا على مدار أزيد من 11 سنة لغاية تاريخ كتابة هذه السطور ، و من تم نتمنى أن لا يلقى موضوع إصدار مرسوم خاص بإنشاء صندوق النفقة و أحكام حمايته الجزائية نفس مصير قانون النشاط العقاري ، فوجب التنبيه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://droit-oran.forumalgerie.net
 
قانون الاسرة الجديد العرض و الاسباب بقلم أ بن داود عبد القادر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مدكرة في قانون الاسرة
» قانون الاسرة باللغتين
» دروس في قانون الاسرة
» النيابة العامة و الاسرة
» قانون الحالة المدنية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الحقوق وهران  :: النظام الكلاسيكي :: منتدى السنة الرابعة :: قانون الاسرة-
انتقل الى: